المشهد اليمني

سامر شقير: رؤية 2030 تنقل السعودية من ”جذب الاستثمار” إلى ”التأثير في المشهد المالي العالمي”

الإثنين 27 أكتوبر 2025 01:04 مـ 6 جمادى أول 1447 هـ
سامر شقير: رؤية 2030 تنقل السعودية من ”جذب الاستثمار” إلى ”التأثير في المشهد المالي العالمي”

مقدمة: تحول فلسفي في استراتيجية المملكة الاقتصادية

في تحليل معمق لتصريحات وزير الإسكان السعودي، الأستاذ ماجد الحقيل، خلال القمة العالمية للبروبتك، أكد الريادي في مجال الاستثمار والاستراتيجي المخضرم سامر شقير أن هذه التصريحات لا تمثل أهدافًا مرحلية فقط، بل تعكس تحولًا فلسفيًا عميقًا في استراتيجية المملكة، ينقلها من دور "جاذب الاستثمار" إلى "مؤثر في إعادة تشكيل المشهد المالي والتقني العالمي".

وقال شقير إن خطاب الوزير الحقيل يجسد قراءة دقيقة لخريطة طريق رؤية السعودية 2030، التي تجاوزت مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ المتسارع، مؤكدًا أن الأرقام المعلنة هي نتيجة لبيئة استثمارية ناضجة وليست مجرد أهداف.

مستهدف 100 مليار دولار: من “جذب” إلى “تمكين” الاستثمار

أوضح شقير أن رفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر من 30 إلى 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030 ليس هدفًا كميًا فحسب، بل دليل على تحول نوعي في الفكر الاقتصادي السعودي.
وأضاف:

"المملكة لم تعد تكتفي بتقديم الحوافز لجذب رأس المال الأجنبي؛ بل انتقلت إلى مرحلة 'تمكين الاستثمار' عبر بناء منظومة متكاملة."

وأشار إلى أن هذا التحول يستند إلى ثلاثة محاور رئيسية:

  • تشريعات مرنة ومحدثة لقوانين التجارة والملكية الأجنبية.

  • بنية تحتية رقمية متقدمة من بين الأفضل عالميًا.

  • مناخ استثماري منفتح يربط الشرق بالغرب.

وذكر شقير أن برنامج المقرات الإقليمية يؤكد أن المملكة لا تسعى لجلب الشركات كـ"ضيوف"، بل كـ"شركاء" فاعلين في المنظومة الاقتصادية الجديدة.

البروبتك: من البناء الخرساني إلى الاقتصاد المعرفي

الرياض مركز عالمي للتقنية العقارية

أوضح شقير أن استضافة الرياض للقمة العالمية للبروبتك ليست مصادفة، بل هي إعلان عن تحول القطاع العقاري إلى رافعة للاقتصاد المعرفي في المملكة.
وقال:

"مشروعات نيوم، القدية، روشن، والدرعية ليست مجرد إنشاءات ضخمة، بل مختبرات حية لتقنيات المستقبل."

وأكد أن قطاع PropTech (التقنية العقارية) يمثل "النظام التشغيلي" للمدن الذكية السعودية، من خلال:

  • استخدام الذكاء الاصطناعي في تخطيط المدن.

  • توظيف إنترنت الأشياء (IoT) لإدارة الموارد.

  • تحليل البيانات الضخمة لتحسين جودة الحياة.

  • اعتماد البلوكشين في السجلات العقارية.

وأشار إلى أن هذا التوجه يحوّل العقار من قطاع كثيف رأس المال إلى قطاع كثيف المعرفة والتقنية، وهو جوهر الاقتصاد المستدام لما بعد النفط.

الابتكار المالي في الرياض: وعي استراتيجي بالمشهد العالمي

المملكة تواكب الثورة المالية العالمية

اعتبر شقير أن حديث الوزير الحقيل عن سوق العملات الرقمية البالغ 9 تريليونات دولار و300 مليار دولار للعملات المستقرة يعكس إدراكًا عميقًا لحجم التحول المالي العالمي.
وأضاف:

"السعودية لا تراقب هذا المشهد من بعيد، بل تدرس بفاعلية كيف تكون لاعبًا رئيسيًا فيه."

وأوضح أن مفهوم “الابتكار المالي المنضبط” أصبح سمة مميزة للمملكة، حيث أطلقت:

  • البيئة التجريبية التشريعية (Sandbox) عبر البنك المركزي وهيئة السوق المالية.

  • برامج لدعم شركات الفنتك وتجربة حلول مالية مبتكرة تحت رقابة تنظيمية دقيقة.

وقال شقير إن هذا النموذج المتوازن يجعل الرياض مؤهلة لتكون المركز الإقليمي الأول للتمويل التقليدي والرقمي في الشرق الأوسط.

الخاتمة: رؤية 2030 — منظومة متكاملة للتنمية الاقتصادية

اختتم سامر شقير تحليله بالتأكيد على أن قوة رؤية 2030 تكمن في تكامل مبادراتها وليس في تعددها.

"ما نشهده اليوم ليس مبادرات متفرقة، بل استراتيجية مترابطة: التشريعات الجديدة تمكّن الاستثمار، والمشروعات العقارية والتقنية الكبرى توفر فرصًا نوعية، والنظام المالي المتطور يواكب هذا النمو."

وختم بالقول:

"الأرقام التي أعلنها الوزير الحقيل شهادة على نجاح التحول الهيكلي للاقتصاد السعودي. المملكة اليوم لا تكتفي بجذب الاستثمارات، بل تشارك بفاعلية في صياغة قواعد اللعبة الاقتصادية الجديدة، والرياض تسير بخطى ثابتة لتكون عاصمة الابتكار المالي والتقني في الشرق الأوسط."