المشهد اليمني

”هل فشلت ضربة ”قطع الرأس لعبدالملك الحوثي” الإسرائيلية ؟”

الأربعاء 24 سبتمبر 2025 09:51 مـ 2 ربيع آخر 1447 هـ
عناصر حوثية
عناصر حوثية

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، حذر خبراء أمنيون وعسكريون غربيون من احتمال توسع رقعة الحرب في الشرق الأوسط جراء الغارات الإسرائيلية على اليمن، والتي نُفّذت رداً على هجمات جماعة الحوثي بالذخائر العنقودية.

ورغم الطابع الدراماتيكي لتلك الضربات، فإن تقييمات الخبراء تشير إلى أنها لم تُحقّق هدفها الاستراتيجي المعلن، بل قد تدفع نحو مزيد من التصعيد والانتقام من قبل الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق تحليلات نشرها مركز "صوفان" للدراسات الأمنية والاستخبارات، فإن الغارة الجوية التي استهدفت في 31 أغسطس/آب رئيس ما يُعرف بـ"حكومة الحوثيين" (غير المعترف بها دولياً) أحمد غالب الرهوي وعدد من مساعديه، لم تُشكّل "نقطة تحول حاسمة" في مسار النزاع اليمني، ولا في قدرة الجماعة على مواصلة عملياتها العسكرية.

وشدّد الخبراء على أن البنية العسكرية للحوثيين – لا سيما وحدات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، فضلاً عن شبكات التهريب وعلاقاتهم الاستراتيجية مع طهران – ظلت سليمة ولم تُمسّ جوهرًا.

وأوضح أندرياس كريج، المحاضر البارز في كلية كينجز كوليدج لندن، أن الضربة الإسرائيلية، رغم طابعها "الدراماتيكي"، تبقى بعيدة كل البعد عن أن تكون "حاسمة" في مواجهة حركة الحوثيين، معتبراً أن الرد الإسرائيلي جاء "غير متناسب" وهدفه الأساسي كان ردع الجماعة عن استخدام أسلحة متقدمة ضد الأراضي الإسرائيلية مستقبلاً، لا تحييد قدراتها العسكرية.

ومن جهتها، أشارت المحللة اليمنية فاطمة أبو الأسرار إلى أن إسرائيل "أزالت جزءاً كبيراً من هيكل الحكم المرئي للحوثيين، لكنها لم تُؤثّر على هيكل القيادة الفعلي".

وتوافقها في الرأي إليزابيث كيندال، الخبيرة في الشؤون اليمنية بجامعة كامبريدج، التي وصفت الرهوي بأنه "قائد رمزي إلى حد كبير"، مشيرة إلى أن "السلطة الحقيقية" تكمن في يد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي ومجلس الجهاد، وهو الهيئة العليا لصنع القرار داخل التنظيم.

ورغم ذلك، يرى بعض الخبراء أن الغارة الإسرائيلية قد تُشير إلى تطور ملحوظ في القدرات الاستخباراتية لإسرائيل داخل اليمن، وهو مجال ظلّ غامضاً نسبياً مقارنة بنشاطها في إيران ولبنان. وقال توماس جونو، الأستاذ في جامعة أوتاوا: "إسرائيل لم تصل بعد إلى مستوى الدقة الاستخباراتية الذي أظهرته في ساحات أخرى، لكن مقتل الرهوي قد يعكس اتجاهاً نحو اختراق استخباراتي إسرائيلي متزايد العمق داخل اليمن".

وأضاف جونو أن هذا التطور قد لا يكون من صنع إسرائيل وحدها، إذ كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" مؤخراً أن القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) تعمل بشكل وثيق مع الجانب الإسرائيلي لجمع معلومات استخباراتية عن قادة الحوثيين الرئيسيين، ما قد يوحي بـ"تورّط أمريكي أكبر مما كان يُفترض سابقاً" في القرارات الانتقامية الإسرائيلية.

وفي أعقاب الضربة، تحقّقت مخاوف الخبراء من ردّ فعل حوثي عنيف. فقد تعهّد عبد الملك الحوثي فوراً بـ"تصعيد الهجمات ضد إسرائيل"، ونفذت الجماعة سلسلة من الهجمات الانتقامية، من بينها اعتقال ما لا يقل عن 11 موظفاً تابعين للأمم المتحدة، وفق ما أعلنته المنظمة الدولية، في خطوة تُعدّ تصعيداً خطيراً يهدد بتعقيد جهود الوساطة الأممية في اليمن.

ويُجمع المراقبون على أن الغارات الإسرائيلية، بدلاً من أن تُضعف الحوثيين، قد تدفع بهم إلى مزيد من التصعيد، خصوصاً في ظل دعم إيراني مستمر، ما يهدد بجرّ المنطقة إلى دوامة عنف أوسع قد تطال مصالح دولية وتجعل من اليمن ساحة جديدة لصراعات إقليمية ودولية متشابكة.