هل ينجرف الانتقالي الجنوبي نحو التطبيع؟ صحفي يُطلق تحذيراً عاجلاً

في خطوة لافتة تحمل دلالات سياسية ورمزية عميقة، وجّه الصحفي والناشط السياسي صلاح السقلدي رسالة مفتوحة إلى قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، دعا فيها إلى مراجعة شاملة لخطابها السياسي الخارجي، وحذّر من أي تصريحات أو إشارات قد تُفسَّر على أنها تطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني، والعدوان المتكرر على غزة، فضلاً عن التوترات الإقليمية المتصاعدة التي طالت مؤخراً دولاً عربية مثل قطر.
وأوضح السقلدي، في منشور نشره على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، أن إسرائيل لم تعد تُنظر إليها في الوجدان الشعبي العربي والإسلامي كعدو عادي، بل كـ"خطر وجودي" يهدد الأمن القومي العربي برمّته، مشدداً على أن أي تلميحات حول إمكانية التعاون أو التقارب معها ستُعتبر استفزازاً صارخاً لمشاعر الشعوب العربية والإسلامية، وقد تُدخل المجلس الانتقالي الجنوبي – وقضيته العادلة – في دوامة العزلة السياسية والرفض الشعبي على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكد السقلدي أن دولة الجنوب، قبل قيام الوحدة اليمنية عام 1990، كانت تتميّز بموقف ثابت وواضح في دعم القضية الفلسطينية، ورفض الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما شكّل جزءاً أساسياً من هويتها السياسية والأخلاقية في الساحة العربية. وقال: "التمسّك بهذا الموقف التاريخي ليس ترفاً أيديولوجياً، بل ضرورة وطنية وأخلاقية تضمن الحفاظ على السمعة العربية المشرفة للجنوب، وتحصّنه من الاتهامات التي قد تُستخدم ضده في سياقات سياسية مستقبلية".
وأشار السقلدي إلى أن التحالفات الإقليمية والدولية تشهد تحوّلات متسارعة، ما يستدعي من المجلس الانتقالي "إعادة ضبط إيقاع خطابه السياسي" بما يتماشى مع هذه المستجدات، دون أن ينحرف عن الثوابت الوطنية والقومية التي يُفترض أن تكون ركيزة أساسية لأي مشروع سياسي جنوبي. وحذّر من أن "الانزلاق نحو خطاب تطبيعي، ولو بشكل غير مباشر، قد يُعرض المجلس لانتقادات حادة، ويُضعف من شرعيته الشعبية، خصوصاً في ظل حساسية الشارع العربي تجاه القضية الفلسطينية".
كما استحضر السقلدي تجارب بعض المكونات العربية التي وُجهت إليها اتهامات بالاستقواء بقوى خارجية، موضحاً أن تلك التجارب انتهت بخسارة شعبية واسعة، وانحسار في النفوذ الإقليمي. وقال: "على المجلس الانتقالي أن يستخلص الدروس من هذه التجارب، وأن يحرص على ترك إرث سياسي وأخلاقي يليق بتاريخ الجنوب ونضالاته، ويُعزّز من مكانة أبنائه في الوجدان العربي، لا أن يُورّطهم في مواقف قد تُستخدم ضدهم لاحقاً".
وختم السقلدي رسالته بدعوة صريحة إلى قيادة المجلس الانتقالي لـ"التمسك بالثوابت القومية، وتفعيل البُعد الأخلاقي في خطابها السياسي"، مؤكداً أن القضية الجنوبية، بوصفها قضية تحرر وطني، لا يمكن أن تجد لنفسها مكاناً في خريطة التطبيع، بل يجب أن تكون جزءاً من الجبهة العربية الداعمة للحقوق المشروعة للشعوب، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني.
ويأتي هذا الموقف في وقت تشهد فيه المنطقة موجة غضب شعبي واسعة ضد التطبيع مع إسرائيل، ما يضع القوى السياسية – بما فيها تلك التي تسعى للاعتراف الدولي – أمام اختبار حقيقي لمدى التزامها بالمبادئ التي ترفعها شعاراتٍ في خطابها العام.