جمهوريون من المهد إلى اللحد

كما لم نختر أجناسنا ولا فصائل دمنا ولا ديننا ولا أسماءنا، وُلِدنا كما أراد الله لنا أن نُخلق، سبتمبريون، جمهوريو الهوىً والهوية، العقيدة والاعتقاد، ولم يكن لنا في ذلك أي اختيار.
هكذا فطرت السماء جيلنا على قيم الثورة ومبادئ الجمهورية، لنكون أسوياء مؤمنين بالعدل وإزالة الفوارق بين الطبقات ومؤمنين بالمساواة والتعايش بين البشر دون تمييزٍ أو تفرقة.
26 سبتمبر هو من أعاد لليمني يمنيته، آدميته، وجوهر إسلامه الصحيح بلا خرافات وخزعبلات، جعل الهاشمي كالقاضي الجمهوري يترك توزته وعمامته والقبيلي كالشيخ السبتمبري يتخلى عن عسيبه وصمادته ، والجميع إلى الجامعة ، الكل يلبس البنطال في اوقات العمل والحياة العامة مثل أغلب شعوب الأرض، ويرتدي الملابس التقليدية في المناسبات الدينية والاجتماعية الخاصة فقط، والمهم هو التنافس في الحصول على المنصب والوظيفة العامة بالعلم والتأهيل والجدارة، وليس بالتفويض الإلهي والاصطفاء السلالي.
26 سبتمبر باختصار، هو التاريخ الذي لم يكن قبله تاريخ ، ولن يكون بعده أي سبتمبر!
صحيحٌ أن ثمة أخطاء حدثت خلال مسيرة الثورة سواءٌ عن عمدٍ أو دون قصد لا يمكن إنكارها، لكن سببها كلها كان من رواسب الإمامة وأدرانها ومخلفات ألف عامٍ من حكمها وتجهيلها الناس، والتقسيم الطبقي والفئوي المقيت الذي فرضته على المجتمع، ومن ذا الذي لا يخطئ أو ينفي حصول ذلك في زمن الثورات عبر التاريخ، لكن تكرار الخطأ وعدم التعلم منه هو الخطأ، ومع ذلك فقد جرى تصحيحه غير مرة خلال مختلف عهود الجمهورية وحتى اليوم حيث يقاوم اليمنيون بقوة ووعي الارتكاس الذي جرى على يد جماعة الحوثيين التي تحاول التدثر خداعاً برداء الجمهورية وهي منها براء.
ينكر بعض أبناء جلدتنا اليوم على جمهورية الـ 26 من سبتمبر مكاسبها الوطنية الأخلاقية العالمية، ويجحدون بفضلها عليهم في كل شيئ، وأتحدى أي واحد منهم، سواءٌ من الشمال أو الجنوب أن يدَّعي أن هذه الجمهورية حرمته من حقوقه المشروعة في العيش بكرامة على أرضه، أو منعته من التعليم المجاني في كل مراحله أو الحصول على وظيفة مدنيةٍ أو عسكرية، أو تسببت في حصار بلده وتجويعه، أو أجبرته على النزوح داخل البلاد أو التشرد واللجوء خارجها.. أحسب أن ذلك النكران محض ابتلاء، ولا بد لكل ابتلاءٍ، عاجلاً أم آجلاً، أن يزول, فباب التوبة والعودة إلى أحضان الـ26 من سبتمبر سيظل مفتوحاً بلا شروط.
من المؤلم أن تحل الذكرى السادسة والثلاثون لثورة الـ 26 من سبتمبر والبلاد لا تزال تكتوي بنيران الحرب الظالمة التي اشعلتها جماعة الحوثيين، واستكلبت بها على شعبنا شتى الأعداء وأكثر طغاة الأرض حقداً وشراسة، وكل هذا بدعوى الدفاع عن ديننا وهويتنا .. يا له من خطل!
وسط الإحباط الذي نعيشه اليوم، لن نحتار كيف نفرح ونحتفل بذكرى الـ 26 من سبتمبر ، لابد من الابتهاج والفرح، وجمهورية من قرح يقرح!
ورحم الله من قال ذات يوم:
غيرت مجرى الدهر يا سبتمبرُ
والدهر عن مجراه لا يتغيرُ
وثللت عرشاً ضارباً أطنابه
وعليه كِسراهُ العنيدُ وقيصرُ
الجهلُ كان سلاحهم في غزونا
والعلم كان جريمة لا تغفرُ
والشعبُ منقسمٌ على أبنائه
ما ثم إلا حاكمون وعسكرُ
*بلقيس نت