المشهد اليمني

لماذا اختارت إيران اليمن لا لبنان لتجريب صواريخها؟ خبير عسكري يجيب

السبت 27 سبتمبر 2025 09:03 مـ 5 ربيع آخر 1447 هـ
لماذا اختارت إيران اليمن لا لبنان لتجريب صواريخها؟ خبير عسكري يجيب

قال الخبير العسكري العميد الركن محمد عبدالله الكميم إن اليمن أصبح مختبرًا استراتيجيًا لإيران لتجربة صواريخها وطائراتها المسيّرة، مشيرًا إلى أن الحوثي ليس حركة يمنية كما يزعم، بل هو صنيعة إيرانية بالكامل من حيث الفكر والمنهج والشعار والسلاح والتمويل والتخطيط.

وأضاف الكميم في منشور رصده "المشهد اليمني"، أن طهران صاغت المشروع الحوثي منذ البداية ليكون ذراعها العسكرية خارج حدودها، لتنفيذ أدوار لا تستطيع إيران القيام بها مباشرة، مستغلة الموقع الجغرافي لليمن لإلحاق الأذى بالمنطقة والأمن البحري العالمي، وخدمة أجندتها في القرن الإفريقي، بالتوازي مع التعامل مع التنظيمات الإرهابية.

وأوضح أن اختيار إيران لليمن جاء ضمن تخطيط استراتيجي بعيد المدى لتصدير الثورة، ضرب الملاحة البحرية، ترسيخ خطوط التهريب إلى القرن الإفريقي، وتجريب الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيّرة.

لماذا اليمن وليس لبنان أو سوريا؟

أشار العميد الكميم إلى أن المسافة القصيرة بين جنوب لبنان أو دمشق وإسرائيل لا توفر اختبارًا عمليًا للصواريخ الباليستية أو الطائرات المسيّرة المصممة لقطع مئات الكيلومترات. بينما تشكل المسافة بين اليمن وإسرائيل (حوالي 1,800 كم) محاكاة مثالية لاختبار قدرة الأسلحة الإيرانية على الوصول إلى أهداف استراتيجية، بما يضمن فعاليتها في حال الحاجة.

وذكر أن المسافات التقريبية بين المدن الرئيسية توضح ذلك:

  • صنعاء → تل أبيب: ≈ 2,088 كم
  • صنعاء → إيلات: ≈ 1,839 كم
  • طهران → تل أبيب: ≈ 1,582 كم
  • الأهواز → تل أبيب: ≈ 1,316 كم

ولفت الكميم إلى أن إسرائيل استفادت من تجارب الحوثي لتطوير دفاعها الجوي، ما أثبت فعالية أنظمة الدفاع قبل حرب الـ12 يوم الأخيرة، التي كشفت ضعف إيران وقدراتها العسكرية وأثرت على طموحاتها النووية.

تجارب الصواريخ في اليمن

أكد العميد أن إيران تعتبر اليمن جزءًا من مسارها العسكري الاستراتيجي، حيث جربت هناك آلاف الصواريخ والطائرات المسيّرة بين 2019 و2022، معظمها في مأرب، مشيرًا إلى أن بعض التجارب فشلت وأدت إلى خلافات بين الحوثي ومموليه الإيرانيين، لكنها ساعدت في تطوير نماذج متقدمة استخدمت لاحقًا في استهداف قيادات الجيش ورصد المواقع عبر اختراق الاتصالات.

وشملت التجارب استهداف منشآت اقتصادية خارج اليمن، أبرزها:

  • معامل أرامكو في بقيق وخريص (سبتمبر 2019)
  • رأس تنورة (سبتمبر 2020)
  • أبوظبي (17 يناير 2022)

الذراع الإيرانية في البحر

أوضح الكميم أن إيران أعدت الحوثيين لدور محوري في المعارك البحرية، حيث منحتهم العمليات الأخيرة في اليمن غطاءً شرعيًا لتنفيذ هجمات متعلقة بقضية غزة، مستغلة الممرات البحرية اليمنية لتعزيز نفوذها الإقليمي، واختبار صواريخ كروز والقوارب المفخخة وطرق القرصنة والاستحواذ على السفن.

وأضاف أن استراتيجية إيران البحرية تهدف لإثبات النفوذ وإشغال العالم عن مياهها، مع التحفيز على تهديد مضيق باب المندب، بينما تتجنب بشكل مباشر استهداف مضيق هرمز.

وأشار العميد إلى أن الحوثي يمثل مشروعًا مزدوجًا، يجمع بين مشروع توسعي إيراني قائم على ولاية الفقيه، ومشروع محلي يسعى للسيطرة على السلطة، مشددًا على أن إيران لا تعترض طالما تحقق أهدافها في مشاغلة الخليج وتهديد البحر الأحمر وتحويل اليمن إلى منصة إطلاق وممر تهريب.

خاتمة

واختتم الكميم حديثه بالقول إن التجارب الإيرانية في اليمن أثرت على المنطقة والأمن العالمي، فيما يدفع اليمنيون ثمنًا باهظًا من دمائهم، مؤكدًا أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة في حرب الـ12 يوم ألحقت خسائر كبيرة بطموحات إيران الإقليمية واستراتيجيتها العسكرية التي بنتها على مدى أربعة عقود.