تسجيل صوتي يهز الشرعية ويفضح مسؤول كبير متهم باغتيال ”افتهان المشهري”

لا تزال قضية اغتيال الشهيدة "إفتهان المشهري" تثير ضجة كبيرة وتحولت إلى قضية رأي عام والشغل الشاغل لمواقع التواصل الاجتماعي ومنصات السوشال ميديا، لتكون القضية رقم واحد _ ليس فقط في محافظة تعز _ بل في كل أرجاء اليمن وخارجها أيضا.
فقد نشر ناشطون ورواد مواقع التواصل الإجتماعي، واعلاميين بارزين مقاطع تسجيلات صوتية للشهيدة "افتهان المشهري" قبل الغدر بها بتلك الطريقة الوحشية، التي عكست حجم الكراهية والحقد الدفين الذي سيطر على المجرمين قبل تنفيذ جريمتهم النكراء.
التسجيلات الصوتية التي نُسبت للشهيدة افتهان، هزت كل أركان الشرعية، وسببت صدمة هائلة للشارع اليمني، فقد كشفت التسجيلات عن أدوار مشبوهة لأسماء بارزة في المشهد السياسي والأمني بتعز، كان أبرزها اسم عارف جامل، الذي ورد ذكره بشكل متكرر في تلك التسجيلات كشخصية محورية في شبكة اغتيالات واسعة النطاق.
هذه التسجيلات دفعت الكثير من الناشطين والصحفيين في محافظة تعز لتوجيه المناشدة إلى النائب العام للجمهورية القاضي "قاهر مصطفى" لإصدار "أمر ضبط قهري" بحق المدعو "عارف جامل" وكيل محافظة تعز لشؤون التنمية ورئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في المحافظة، والتحقيق معه فوراً في جريمة اغتيال "إفتهان المشهري".
ليست عندي ذرة شك بأن هؤلاء الناشطين والاعلاميين لهم اهداف نبيلة وصادقة، وعندهم دوافع وطنية مخلصة في تحقيق العدالة، ولكن حماستهم ورغبتهم السريعة للإمساك بالقاتل جعلتهم يندفعون ويستخدمون عواطفهم بدلا عن التصرف بحكمة وعقلانية، فقد اعتبروا أن ما كشفته الشهيدة في تسجيلاتها، إلى جانب معلومات استخباراتية وشهادات شهود عيان، وتنقلاته المشبوهة إلى تركيا أواخر شهر مايو الماضي، أدلة دامغة تؤكد تورط جامل بالجريمة وتستوجب إصدار أوامر قهرية للقبض عليه وتقديمه للمحاكمة، ولكن هذا الأمر لا يقرره النشطاء والاعلاميين، بل يقرره القضاء والعاملين في السلك القضائي، فلو القينا القبض على كل مسؤول يسافر إلى تركيا لأصبحت السجون مليئة بهم.
ثم من أين عرف هؤلاء الناشطون ان جامل عقد لقاءات مثيرة للجدل مع شخصيات يشتبه في ارتباطها بتنظيمات إرهابية، ومن هم هؤلاء المشبوهين ولماذا لم يتم ذكر أسماءهم، وهل يستوجب ارتكاب تلك الجريمة البشعة بحق الشهيدة "إفتهان المشهري" السفر إلى تركيا لعقد لقاءات مع شخصيات مشبوهة، فالشهيدة رحمة الله عليها وأسكنها فسيح جناته، إنسانة بسيطة
لا حول لها ولا قوة، واغتيالها بتلك الطريقة ربما تقرر أمره في جلسة قات مغلقة، فهي لا تمتلك حماية ولا قوة تحرسها.
أظن _ وليس كل الظن إثم _ أن هناك من يسعى لخلط الأوراق لتمييع القضية، فكيل الاتهامات لهذا الطرف أو ذاك لمجرد تسجيلات صوتية أو حتى تهديدات معلنة لا يعد دليلا دامغا على ارتكاب الجريمة البشعة، ولا شك ان هناك عصابة مجرمة وعديمة الرحمة تسعى بشكل احترافي لتوزيع الاتهامات للكثير من الأطراف بهدف الدخول في متاهة وعدم الوصول إلى المجرم الحقيقي الذي يقف وراء الجريمة النكراء.
انا هنا لا ادافع عن الوكيل، فورب الكعبة المشرفة إني لم التقي به في حياتي كلها وليس لي أية صلة به لا من قريب ولا من بعيد، لكن كل ما أخشاه هو أن يختلط الحابل بالنابل، وتتحول قضية اغتيال الشهيدة "إفتهان المشهري" إلى تصفية حسابات ويضيع دمها هدرا، والأخطر من كل ذلك إن يتسبب هذا التلاعب وكيل التهم دون دليل دامغ، بنجاة المجرم الحقير الذي سفك دم الشهيدة البريئة.
لذلك اتمنى من الناشطين والاعلاميين وكل الراغبين بالنيل من المجرمين حتى لايذهب دم الشهيدة هدرا أن يبذلوا كل جهودهم لمنح النائب العام الصلاحية المطلقة ودون اي تدخل من أي طرف، لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية للبدء في التحقيق، وأن يقوم هو بنفسه بتشكيل لجنة متكاملة من المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة لتولي هذه المهمة الوطنية.
وأتمنى ايضا ان يصب المخلصين والشرفاء من الإعلاميين والناشطين كل جهودهم لمهاجمة اي جهة تعيق تحركات النائب العام، ولا تسهل للنائب وفريقه بما يمكنهم من إجراءات تساهم في القبض على المجرمين والقتلة لينالوا عقابهم الرادع، ويكونوا عبرة لغيرهم.
كان الأفضل والأنسب لو وجه الناشطين والاعلاميين رسالتهم للرئيس رشاد العليمي، أو لرئيس الوزراء سالم بن بريك، لإصدار قرار رسمي بتشكيل لجنة أمنية ويمنح النائب العام كل الصلاحيات ودعم كافة الجهات المختصة لتسهل مهمته، وربما يأخذ الأمر وقت طويل، لكن بإذن الله تكون النتائج جيدة، فعندما تكون البداية صحيحة تكون النتائج إيجابية، أما في كل يوم نتهم هذه الجهة أو هذا الشخص، فهذا لن يؤدي إلى نتيجة ترضي الجميع وتحقق العدالة.