المؤتمر الشعبي العام.. إعادة ضبط البوصلة

إنّ جفافَ النهر العظيم يتأتى من جفافِ روافده وسَواقيه التي تغذيه بصورة يومية، ولبقاء النهر متدفقا يجب الحفاظ على الأنهر الصّغيرة التي تغذيه والمصبّات التي ترفده.
ما ينطبقُ على قوانينِ الطبيعةِ ينطبقُ على قوانينِ السياسة أحيانا، ونهرنا العظيم اليوم "الدولة" في حالة حرجة، تستدعي الاهتمام بالسّواقي والمصبات الجانبية التي تعيد له التدفق والحياة.
أحزابنا السياسيّة ــ وخاصّة الكبيرة ــ هي الرّوافد والسّواقي والأنهُر التي تُعتبر جزءًا من الدولة، وأحد أوجهها. وإهمالها يؤثر على الدولة ذاتها.
ونحن اليوم ــ وتحديدًا في المؤتمر الشعبي العام ــ بأمسِّ الحاجة لإعادة ضبط وتصويب مسار أكبر رافدٍ يغذي الدولة من عقود، وفي الواقع لم يتراجع منسوب النهر العظيم "الدولة" إلا بفعل الثقوب والندوب التي اعترت أكبر روافده "المؤتمر الشعبي العام". وآنَ الأوانُ اليومَ لرتق شقوقه وترميم شروخه، وقد تأخرنا كثيرًا عن ذلك.
المؤتمر الشعبي العام اليوم بأمسِّ الحاجة إلى التفاتةٍ حانيةٍ ومسؤولةٍ من قبل رئيسه الدكتور رشاد محمد العليمي، ونائبه الأول الدكتور أحمد عبيد بن دغر، لا لذات الحزب فحسب؛ وإنما في طريقِ استعادةِ الدولة، ولملمة شتاتها، ذلك أن هذا الجسد الكبير، المترامي الأطراف قد أصابته "أنيميا" الإهمال، وهزال الخلافات البينيّة خلال السنوات السابقة، وما لم يتم إنقاذه اليوم فإنّ الإمساك بما تبقى من أجزائه غدًا أمرٌ صعب المنال، خاصّة في ظل المؤامرات التي يحيكها البعضُ لهذا الحزب الوطني الجمهوري "الميثاقي"، العتيد.
ولعلّ الخطوةَ الأولى اليوم تبدأ بإعادة النظر في فروع المحافظات، كحلقة وسطى بين القيادة والجماهير، وهي في نفس الوقت اختبار حقيقي للعناصر القياديّة الوسطى التي لا تزال تراوح بين أكثر من اتجاه، متحيّنة ترجيح هذه الكفة أو تلك، للقفز إلى المركب الجديد، ومن ثم المزايدة، كعادتهم التي درجوا عليها..!
نقولها ــ وبكل صراحة ــ: المعادلة اليوم إمّا بيضاء أو سوداء، ولا مكان للمنطقة الرمادية، لدينا قيادة شرعية، يجب الالتفاف حولها، وتنفيذ توجيهاتها، بعيدًا عن المراهقة السّياسيّة للطارئين على المناصبِ السياسيّة الكبيرة، المنتحين منحىً شعبويا في بعض تصريحاتهم أو مواقفهم، ناسين أنهم رجال دولة، وأنهم في قُمرة القيادة.!
ونؤكد: لا مجالَ للمزايدةِ على رجلِ الدولةِ والأمنِ والسياسةِ والقانونِ والثقافةِ الدكتور رشاد محمد العليمي ذي الخبرة السياسيّة المرموقة التي تقتربُ من نصف قرن، خبرَ فيها اليمنَ كله شماله وجنوبه، شرقه وغربه، وخبرَ ماضيه وحاضره، وهو اليوم على رأس الجبهة النضاليّة المصيريّة التي لا تحتملُ أدنى تلكؤٍ من قبل هذا الطرف أو ذاك، ناهيك عن مزايداتٍ مكشوفةٍ، من منطلق الأنويّة والمصالح الشخصيّة، تخدم العدو، ولا تخدم قضية الوطن العادلة.
كذلك، لا مجالَ للمزايدةِ على رجلِ المواقف الوطنيّة الكبيرة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، النائب الأول لرئيس المؤتمر الذي يعملُ بلا كلل أو ملل أغلبَ وقته، ونطمع منه بالمزيد من الجهد والعمل الدؤوب من أجل القضيّة الوطنية العادلة، وبوّابتها اليوم: المؤتمر الشعبي العام.
خلاصة القول.. ترتيب البيت المؤتمري الواحد أولويّة لم تعد تحتملُ التأخير اليوم، قطعًا، وإنّ بعضَ التبريرات اللائحيّة، أو الحسابات السياسيّة التي لدى البعض قد تضيع علينا كثيرًا من الفرص، وإن كان منطلقها الحرص والتأني والتصبُّر؛ فالإقدام لا الإشفاق هو الذي ينقذ الضحية. هذا ما أدركناه في قيادة مؤتمر محافظة ريمة، وذاك ما أقدمنا عليه، حفاظا على المصلحة العامة، وعلى تجديد دورة الدماء الفاعلة في الفرع.
نحن في وضع استثنائي، يقتضي تكتيكا استثنائيًا، من أجل تجاوز العقبات التي نعيشها، فنحن من نصنع اللوائح، وليست هي التي تصنعنا.