ليس صدفة! لماذا اختارت السعودية باكستان حليفًا استراتيجيًا منذ عقود؟ الامير تركي الفيصل يجيب

في ظهور إعلامي لافت، أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للمخابرات العامة، أن جمهورية باكستان الإسلامية تُعد حليفًا استراتيجيًا للمملكة العربية السعودية منذ نشأتها واستقلالها عن بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، مشيرًا إلى أن التعاون الأمني والعسكري بين البلدين يمتد جذوره إلى تلك الحقبة التاريخية.
جاء ذلك خلال مشاركته في برنامج "في الصورة" على قناة "الإخبارية"، حيث وجّه الإعلامي عبدالله المديفر سؤالًا مباشرًا إلى الأمير تركي قائلاً: "لماذا أدخلت السعودية باكستان في المعادلة؟"، فكان رد سموه واضحًا وحاسمًا:
"باكستان حليف منذ أن نشأت واستقلت عن بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، والتعاون الأمني والعسكري بين المملكة وباكستان يعود إلى ذلك التاريخ، فلا يُستغرب أن تكون باكستان هي المستهدفة لتكون حليفًا ليس فقط للمملكة، ولكن للمنطقة ككل. وأعتقد أيضًا أن الدول الأخرى في مجلس التعاون تعمل مع المملكة على إيجاد تحالفات من هذا النوع".
هل يتحول الحلف الثنائي إلى تحالف إسلامي أوسع؟
وأثار المديفر تساؤلاً حول إمكانية تطوّر هذا الحلف الثنائي ليشمل دولاً إسلامية أخرى، قائلاً: "هل يمكن أن يتطور هذا الحلف الثنائي إلى حلف إسلامي تدخل فيه دول الخليج أو مصر؟"، فردّ الأمير تركي الفيصل بالإشارة إلى مبادرة سابقة اتخذتها المملكة في هذا الاتجاه، حيث قال:
"المملكة قبل سنوات أنشأت التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب، وجمعت أكثر من 30 أو 40 دولة إسلامية وقّعت على اتفاقية التحالف ضد الإرهاب. فكانت تلك سابقة لتجمع لمواجهة خطر معين، فما الذي يمنع أن يتسع هذا التجمع القائم الآن ليشمل ليس فقط مواجهة الإرهاب وإنما الأخطار الأخرى التي قد تواجه المنطقة؟"
وأضاف سموه مُشدّدًا على ضرورة التصدي للتحديات الإقليمية، لا سيما في ظل التصريحات العدوانية الصادرة من بعض الأطراف:
"وكما ذكرت سابقًا، فإن إسرائيل بعنجهيتها وإعلانها أنها أقوى دولة في المنطقة وتريد أن تكون المنطقة كلها تابعة لها، يجب مواجهتها بما يقابل ذلك من إمكانيات".
المادة الخامسة: التزام متبادل بالدفاع
وأعاد المديفر طرح النقاش حول طبيعة الاتفاقية الموقعة بين المملكة وباكستان، مشيرًا إلى وجود بند خاص يُعرف بـ"المادة الخامسة"، التي تنص على أن "أي اعتداء أو هجوم خارجي مسلح على أي من الدولتين يُعد اعتداءً على كليهما"، فقاطعه الأمير تركي موضحًا:
"هذا ما قصدته عندما قلت إن التحالف يمكن أن تتوسع مداركه وأهدافه ليشمل مثل هذا البند الذي اتُّفق عليه بين المملكة وباكستان".
شراكة استراتيجية راسخة
ويُعد هذا التصريح من الأمير تركي الفيصل تأكيدًا على عمق العلاقة التاريخية بين الرياض وإسلام آباد، والتي لم تقتصر على التعاون العسكري فحسب، بل شملت التنسيق السياسي والاقتصادي، فضلاً عن الدعم المتبادل في المحافل الدولية. وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المنطقة تحوّلات جيوسياسية متسارعة، ما يعزز من أهمية بناء تحالفات استراتيجية قادرة على حفظ الأمن والاستقرار.
وبهذا، يبرز الحلف السعودي الباكستاني ليس كشراكة ثنائية فحسب، بل كنموذج محتمل لتحالفات إقليمية أوسع، تستند إلى المصالح المشتركة والتحديات المتبادلة، في مواجهة التهديدات المتنامية التي تستهدف أمن الدول الإسلامية ومستقبلها.