”من طيّارة حربية إلى خياطة الزي العسكري: قصة أول ضابطة يمنية تُقصى من الجيش”

– كشفت الملازم أول طيار رحمة عزالدين سلام الحوشبي، أول فتاة جنوبية تنضم إلى السلك العسكري في العقود الأخيرة وتتخرّج من الكلية الحربية برتبة ضابط طيار، عن تعرضها لسلسلة إجراءات تمييزية وقرارات تعسفية أدت إلى إيقافها عن العمل في وزارة الدفاع منذ أربعة أشهر، وسط اتهامات صريحة لم تُخفِها من نائب مدير مكتب وزير الدفاع، العميد محسن العمود، بالوقوف وراء ما وصفته بـ"مضايقات منهجية" هدفها إقصاؤها من المؤسسة العسكرية.
وفي منشور مفصّل نشرته على منصات التواصل الاجتماعي، أفصحت الحوشبي عن تفاصيل ما قالت إنه "حرب إدارية" شُنّت ضدها منذ تعيينها، بدأت برفض تطبيق تعليمات صادرة من وزير الدفاع نفسه تتعلق بعملها كضابط طيار، مرورًا بعرقلة جدول دوامها، ووصولًا إلى حرمانها من مخصصات الوقود والمستحقات المالية التي يحصل عليها زملاؤها الذكور دون تمييز.
وأكدت الحوشبي أنها لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الإجراءات، بل تقدّمت بعدة بلاغات رسمية إلى القيادة العسكرية العليا، طالبة إحالة ملف قضيتها إلى القضاء العسكري لضمان نزاهة التحقيق وشفافيته. غير أن تلك البلاغات – وفق روايتها – قوبلت بـ"تمييع متعمّد"، حيث جرى إغلاق الملفات بعبارات إدارية عامة و"اعتيادية"، دون اتخاذ أي إجراء جاد أو مساءلة للمسؤولين المتورطين.
الأمر تفاقم، بحسب الحوشبي، حين فوجئت مؤخرًا بقرار إداري رسمي يخيّرها بين خيارين لا ثالث لهما: إما العمل في "معمل خياطة الملابس العسكرية"، أو البقاء في منزلها دون راتب أو وظيفة فعلية. ووصفت هذا القرار بأنه "إهانة مهنية وشخصية"، مشيرة إلى أنه يعكس " تخلف و رجعية" لا ترى للمرأة مكانًا في سلك الطيران أو القيادة، بل تقصيها إلى أدوار تقليدية لا علاقة لها بكفاءتها أو تدريبها العسكري المتخصص.
واعتبرت الحوشبي أن ما تتعرض له ليس مجرد خلاف إداري، بل "تمييزًا صارخًا ضد المرأة في المؤسسة العسكرية"، مشددة على أن استمرار الصمت الرسمي حيال قضيتها يرسّخ ثقافة الإقصاء ويُضعف من مكانة الجيش كمؤسسة وطنية يجب أن تكون نموذجًا للعدالة والمساواة.
وفي رسالة وجهتها إلى القيادة العسكرية، قالت الحوشبي: "الجيش الذي لا ينتصر لمنتسبيه، ولا يحمي حقوقهم، لن ينتصر لوطنه". وطالبت بـ"إنصاف فوري"، وضمان حقوقها القانونية كضابط طيار تخرجت من الكلية الحربية بعد سنوات من التدريب والاجتهاد، مؤكدة أن صمتها لم يعد خيارًا، وأنها مضطرة الآن لطرح قضيتها أمام الرأي العام لفضح ما وصفته بـ"الانحراف المؤسسي" الذي يهدد مبادئ المساواة والعدالة داخل القوات المسلحة.
ويأتي كشف الحوشبي في وقت تشهد فيه اليمن مساعٍ متزايدة لتعزيز دور المرأة في مختلف القطاعات، بما فيها العسكرية والأمنية، ما يجعل قضيتها محط اهتمام واسع من قبل منظمات حقوق الإنسان والناشطات في مجال المساواة الجندرية، اللواتي يرين فيها اختبارًا حقيقيًّا لمدى التزام المؤسسة العسكرية بمبادئ المواطَنة والعدالة التي تدعو إليها الخطابات الرسمية.