دراسة.. علاقة وثيقة بين الضعف البدني وزيادة خطر الإصابة بالخرف

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة تشنجتشو الصينية عن وجود علاقة قوية بين الضعف البدني (الوهن) والإصابة بالخرف، مما يسلّط الضوء على أحد أبرز العوامل التي قد تساهم في تطور هذا المرض العقلي الذي يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Neurology العلمية، مشيرة إلى أن الضعف الجسدي قد يكون أحد المؤشرات المبكرة والمترابطة للإصابة بالخرف، مما يمهّد الطريق أمام استراتيجيات وقائية محتملة تستهدف تعزيز الصحة البدنية لتقليل خطر المرض.
ما هو الوهن البدني وكيف تم قياسه؟
عرفت الدراسة "الوهن البدني" من خلال خمسة معايير أساسية تم اعتمادها لتحديد حالة المشاركين:
-
فقدان الوزن غير المبرر
-
الإرهاق الدائم
-
الخمول البدني
-
بطء سرعة المشي
-
ضعف قوة قبضة اليد
وبناءً على هذه المعايير، تم تصنيف المشاركين في الدراسة إلى ثلاث مجموعات: غير مصابين بالوهن، في مرحلة ما قبل الوهن، ومصابين بوهن متقدم.
بيانات ضخمة وتحليل طويل الأمد
اعتمدت الدراسة على بيانات تم جمعها من البنك الحيوي البريطاني، وشملت 489,573 مشاركًا لم يكونوا مصابين بالخرف وقت التسجيل، وذلك في الفترة ما بين 2006 و2010.
بلغ متوسط فترة المتابعة 13.58 عامًا، وخلال هذه المدة، تم توثيق 8,900 حالة خرف.
كما تم استخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي على مجموعة فرعية من المشاركين لتحليل العلاقة بين الوهن وتغيرات الدماغ، وربطها بمؤشرات مناعية وأيضية.
نتائج مثيرة للقلق: الوهن يضاعف خطر الإصابة بالخرف
أظهرت النتائج أن خطر الإصابة بالخرف يرتفع بشكل واضح مع تفاقم حالة الوهن البدني:
-
الأشخاص في مرحلة ما قبل الوهن كانوا أكثر عرضة بنسبة 50% للإصابة بالخرف مقارنة بالأشخاص الأصحاء.
-
الأشخاص المصابون بالوهن الكامل واجهوا زيادة في الخطر بنسبة 182%.
وعند الجمع بين الوهن والاستعداد الجيني، كانت النتائج أكثر حدة:
-
الأفراد الذين يعانون من الوهن ولديهم استعداد وراثي مرتفع (خطر متعدد الجينات) سجلوا معدل خطر 3.87.
-
حاملو جين APOE-e4 من المصابين بالوهن سجلوا معدل خطر 8.45، وهو أعلى بكثير من بقية الفئات.
الوهن البدني كعلامة إنذار مبكر
تدعم نتائج الدراسة الفرضية القائلة بأن الوهن البدني قد لا يكون مجرد حالة صحية مستقلة، بل قد يشكل علامة مبكرة على احتمالية الإصابة بالخرف، مما يوفر فرصة للتدخل الوقائي المبكر.
وأكد الباحثون أن البنية الدماغية والتفاعلات المناعية الأيضية تتورط في العلاقة بين الوهن والخرف، بالرغم من أن الآليات الدقيقة لا تزال قيد البحث والدراسة.
تزايد معدلات الخرف عالميًا
بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، بلغ عدد المصابين بالخرف عالميًا نحو 57 مليون شخص في عام 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى 153 مليون بحلول عام 2050.
ورغم التقدم العلمي، ما تزال العلاجات المتوفرة محدودة التأثير، مما يجعل التركيز على عوامل الخطر المبكرة والوقاية أمرًا بالغ الأهمية.
أهمية هذه الدراسة في مستقبل الرعاية الصحية
تُعد هذه الدراسة من أكبر الدراسات التي تربط بين الضعف الجسدي والاستعداد الوراثي وخطرالإصابة بالخرف، وهي تسلط الضوء على أهمية الفحص الدوري للحالة البدنية لكبار السن ومراقبة المؤشرات التي قد تنذر بأمراض عقلية مستقبلية.