المشهد اليمني

سرطان القلب النادر.. بين التشخيص الصعب وخيارات العلاج المحدودة

السبت 4 أكتوبر 2025 12:21 مـ 12 ربيع آخر 1447 هـ
سرطان القلب النادر
سرطان القلب النادر

يُعد سرطان القلب من الحالات الطبية النادرة والخطيرة، حيث تنمو خلايا شاذة بشكل غير منضبط في القلب أو بالقرب منه، مكونة أورامًا خبيثة، فإن هذه الأورام تختلف عن السرطانات الشائعة مثل الرئة أو الثدي أو القولون، ما يجعل التشخيص والعلاج أكثر تعقيدًا.

أنواع سرطان القلب: أولي وثانوي

  • السرطان القلبي الأولي: ينشأ مباشرة في نسيج القلب (غالبًا على شكل ساركوما).

  • السرطان القلبي الثانوي: ينشأ عند انتقال خلايا سرطانية من عضو آخر مثل الرئة أو الثدي إلى القلب.

بسبب أن نسيج القلب يتكوّن بشكل أساسي من العضلات والأنسجة الضامة التي تنقسم ببطء، فإن احتمال حدوث الطفرات السرطانية فيه أقل مقارنة بالأعضاء المبطنة بأنسجة ظهارية سريعة التجدد.

من هم الأكثر عرضة؟ أخصائيو الدراسة يسلطون الضوء

تشير الأبحاث، بما في ذلك دراسة نُشرت في مجلة Cardio‑Oncology، إلى أن:

  • غالبًا ما تصيب الأورام الساركومية القلبية أفرادًا في منتصف العمر، بمتوسط عمر يتراوح بين 45 إلى 50 عامًا.

  • الأورام أكثر شيوعًا بين الذكور.

  • في دراسات مركزية، لوحظت تكرارات عالية للأنماط السينية مثل Angiosarcoma كنوع شائع ضمن الأورام القلبية الأولية.

كيف يتطور سرطان القلب؟ العوامل المساهمة

يبدأ الأمر عندما تنفلت خلايا القلب أو النسيج المجاور من السيطرة على الانقسام الطبيعي، وتستمر بالنمو غير المنضبط. في الحالات الأولية، قد تسهم طفرات جينية مثل في جين POT1 في هذه العملية، إلى جانب احتمال تأثير التعرض للإشعاع والسموم البيئية أو وجود تاريخ عائلي للسرطان.

ومع ذلك، يظل السرطان القلبي نادر الحدوث؛ لأن خلايا القلب تنقسم ببطء، مما يقلل فرص تكوّن الطفرات السرطانية مقارنة بالأنسجة التي تتجدد باستمرار.

الأعراض المبكرة: قد تبدو كأمراض قلبية عادية

غالبًا ما يتم تشخيص سرطان القلب في مراحل متقدمة، لأن أعراضه غير نوعية وتشبه أمراض القلب الشائعة، ومن أبرزها:

  • ضعف مفاجئ في وظائف القلب أو أعراض فشل القلب

  • ضيق نفس وإرهاق غير مفسَّرين نتيجة ضغط الورم على حجرات القلب

  • اضطراب في ضربات القلب (خفقان، عدم انتظام)

  • ألم أو انزعاج في الصدر

  • دوخة أو إغماء

  • تراكم السوائل حول القلب (انصباب تاموري)

  • نقص الوزن غير المبرر

  • سعال مصحوب بدم وألم في الظهر

  • تغيرات ذهنية مثل التشوش أو مشاكل الذاكرة

كيف تتم معالجة سرطان القلب؟ خيارات العلاج المتاحة

رغم غياب علاج نهائي، تتيح الخيارات المتوفرة إدارة الأعراض وتحسين النوعية ومدى البقاء:

  • الجراحة لإزالة الورم بالكامل أو جزئيًا، وهي خيار يُفضل إن أمكن.

  • العلاج الكيميائي والإشعاعي لتقليص حجم الورم أو السيطرة على الانتشار.

  • العلاجات المناعية (مثل مثبِّطات نقاط التفتيش – ICIs) أظهرت استجابة محدودة في بعض حالات الأورام القلبية، خاصة غير Angiosarcoma.

  • زراعة القلب أو الزرع الذاتي في حالات نادرة جدًا إذا كان الورم غير قابل للإزالة الجراحية بمفرده.

  • في حالات السرطان القلبي الثانوي، يُركَّز العلاج على الورم الأصلي المنتشر إلى القلب.

دراسات حديثة تسلّط الضوء على التحديات والآفاق

في دراسة مركزية على 33 مريضًا في ميونيخ، وُجد أن الاستئصال الجراحي حتى وإن كان جزئيًا قد يطيل العمر، مع بقاء متوسط مدة البقاء (Overall Survival) عند حوالي 37.5 شهرًا.

كما أظهرت دراسات من الصين أن ارتفاع مستويات LDH والتوسع الوباثي مرتبطان بمعدل بقاء أقل، في حين أن الاستئصال الكامل (R0) قد يمنح أفضلية بقاء للمريض.

من ناحية أخرى، استخدام العلاجات المناعية (ICIs) في حالات أورام نسيجية أولية بالقلب أظهر استجابة متواضعة فقط، حيث بلغ معدل الاستجابة الجزئية نحو 11٪، وكان الأداء أفضل في الأورام غير Angiosarcoma مقارنةً بها.

سرطان القلب يُعتبر حالة نادرة واستثنائية في عالم الأورام، وتحدياته العديدة تبدأ من التشخيص المتأخّر بسبب الأعراض غير النوعية، حتى إلى خيارات العلاج المحدودة ونتائج البقاء القصيرة في أغلب الحالات، بالرغم من أن الجراحة والجمع بين العلاجات يمكن أن تُحسّن النتائج في حالات مختارة، فإن الطريق نحو علاج فعّال لا يزال طويلاً،الكشف المبكر والرعاية المتخصصة هما العنصران الأهم لتمكين المرضى من العيش وقتًا أطول وبنوعية أفضل.