الجيش اللبناني يصدر بيانا بعد تسليم فضل شاكر نفسه

أعلن الجيش اللبناني، في بيان صادر عن مديرية التوجيه، أن الفنان اللبناني فضل شاكر سلّم نفسه، الأحد، إلى دورية من مديرية المخابرات عند مدخل مخيم عين الحلوة في صيدا، وذلك بعد أكثر من عقدٍ من اختفائه إثر اتهامه بالمشاركة في أحداث عبرا الدامية عام 2013.
وأوضح البيان أن "تسليم فضل عبد الرحمن شمندر، المعروف فنيًا باسم فضل شاكر، تم في 4 أكتوبر 2025، نتيجة سلسلة اتصالات وتنسيقات بين الجيش اللبناني والجهات المعنية"، مؤكدًا أنه "بُوشر التحقيق معه فورًا بإشراف القضاء المختص".
من نجم الغناء إلى مطلوب أمني
يُعدّ فضل شاكر من أبرز نجوم الغناء العربي في التسعينيات وأوائل الألفية، قبل أن يعلن اعتزاله الفن بشكل مفاجئ في عام 2012. ومع اندلاع الأزمة السورية، أعلن شاكر انضمامه إلى جماعة الشيخ أحمد الأسير، وهو رجل دين لبناني متشدد عارض النظام السوري وانخرط في مواجهات مسلحة داخل لبنان، لا سيما في مدينة صيدا.
في يونيو 2013، اندلعت مواجهات عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلحي الأسير في بلدة عبرا جنوبي لبنان، أسفرت عن مقتل العشرات من العسكريين والمدنيين، واعتُبرت من أخطر الاشتباكات الداخلية منذ انتهاء الحرب الأهلية. وعقب هذه الأحداث، صدرت مذكرات توقيف بحق فضل شاكر بتهم تتعلق بـ"تشكيل عصابة مسلحة"، و"الاشتراك في قتال ضد الجيش اللبناني"، و"التحريض على العنف".
أحكام غيابية وحياة تحت الأرض
لجأ شاكر آنذاك إلى مخيم عين الحلوة، أحد أكثر المناطق اللبنانية تعقيدًا أمنيًا، حيث اختفى عن الأنظار لسنوات، متنقّلًا بين أزقّته الضيقة ومستفيدًا من تعقيدات الوضع الأمني والسياسي داخل المخيم. وخلال هذه الفترة، واصل القضاء اللبناني ملاحقته قضائيًا، حتى أصدر القضاء العسكري في عام 2020 حكمين غيابيين بحقه:
- الأول: بالسجن 15 عامًا مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية، بتهمة "التدخل في أعمال إرهابية".
- الثاني: بالسجن 7 أعوام وغرامة مالية، لـ"تمويل جماعة الأسير وتأمين السلاح والذخيرة لها".
وبذلك، بلغ مجموع العقوبات الصادرة بحقه 22 عامًا سجنًا، دون احتساب أي تهم إضافية قد تُطرح خلال التحقيقات الجارية حاليًا.
عودة إلى العدالة بعد سنوات من الهروب
تسليم شاكر نفسه يُعدّ تطوّرًا أمنيًا وقضائيًا كبيرًا، خاصة في ظل التوترات التي لا تزال تحيط بمخيم عين الحلوة، الذي يُعتبر بؤرة لنشاطات مسلحة وخلافات فصائلية.
وتشير مصادر أمنية إلى أن "الجيش اللبناني كان يتابع ملف شاكر باستمرار، وأن تسليمه جاء بعد ضغوط أمنية وتفاهمات داخلية تهدف إلى تخفيف التوتر في المنطقة".
ويُنتظر أن يُحال شاكر قريبًا إلى المحكمة العسكرية لاستكمال الإجراءات القانونية، بما في ذلك تنفيذ الأحكام السابقة أو محاكمته مجددًا في حال ظهور أدلة جديدة.
تداعيات واسعة
يعيد تسليم فضل شاكر فتح ملفات شائكة تتعلق بعلاقة بعض الشخصيات العامة بالجماعات المسلحة، ودور الفن والسياسة في زمن الأزمات.
كما يثير الحدث جدلًا واسعًا في الشارع اللبناني بين من يرى فيه "انتصارًا للعدالة" ومن يعتبره "تصفية حسابات سياسية" في مرحلة تشهد فيها البلاد أزمات اقتصادية وأمنية متراكمة.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، يبقى ملف فضل شاكر شاهدًا على تحوّل دراماتيكي من عالم الأضواء إلى زنازين القضاء، في مسارٍ يختزل جزءًا من تاريخ لبنان المعقّد في العقد الأخير.