كيف يعيد الدماغ تشكيل نفسه خلال الدورة الشهرية؟

عندما يتحدث الناس عن الدورة الشهرية، يتركز الحديث غالبًا على التقلصات وتقلبات المزاج والتغيرات الهرمونية، لكن ما لا يُعرف جيدًا هو أن الدماغ نفسه يخضع لتغيرات شهرية عميقة.
دراسة حديثة تكشف التغيرات الدماغية الشهرية
في دراسة عام 2023، قادها علماء أعصاب من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، تبين أن الدورة الشهرية لا تؤثر فقط على الجهاز التناسلي، بل تعيد تشكيل أجزاء من الدماغ شهريًا. الدراسة التي نشرت في مجلة "رسم خرائط الدماغ البشري" تابعت 30 امرأة عبر دوراتهن الشهرية باستخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي المتطورة.
كيف تتغير بنية الدماغ خلال الدورة؟
ركزت الدراسة على تغييرات المادة البيضاء (المسؤولة عن ربط مناطق الدماغ) والمادة الرمادية (المعالجة للمعلومات) مع تقلب مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون. وتبين أن:
-
ارتفاع هرمون الإستروجين قبل الإباضة يعزز من كفاءة المادة البيضاء، مما يحسن التواصل بين مناطق الدماغ، وهو ما قد يفسر زيادة الذكاء والإبداع والثقة الاجتماعية في منتصف الدورة الشهرية.
-
بعد الإباضة، يتولى البروجسترون دوره بإجراء تغييرات تدريجية على الدماغ، مثل زيادة حجم أنسجة الدماغ وانخفاض السائل النخاعي، ما يشير إلى فترة "راحة وإعادة بناء" قد ترتبط بالهدوء والتأمل.
الدماغ يتناغم مع إيقاع الجسم
الدراسة تؤكد أن الدماغ ليس عضوًا ثابتًا، بل يتنفس ويتكيف مع دورات الجسم الطبيعية. مع حوالي 450 دورة شهرية خلال حياة المرأة، يعيد الدماغ تشكيل نفسه باستمرار، وهو أمر قد يفسر تقلبات الحالة المزاجية والعصبية مثل الصداع النصفي والقلق.
أهمية هذه الاكتشافات لصحة المرأة
لطالما كانت أبحاث الدماغ تركز على الرجال، مع تجاهل التغيرات الهرمونية عند النساء باعتبارها "متغيرًا" مزعجًا، هذه الدراسة تقلب المفاهيم، مؤكدة أن التغيرات الهرمونية تمثل بيانات حيوية لفهم كيفية عمل الدماغ الأنثوي طوال الحياة، وليس فقط أثناء الإنجاب. الدماغ خلال الدورة الشهرية لا يخون المرأة، بل يعيد ضبط نفسه استعدادًا للمراحل القادمة.