معركة اقتصادية بلا رواتب

تتسابق القنوات مع صدور أي قرارات في قسم الأخبار الإقتصادية للحديث عن كل مايتعلق بالإقتصاد والتجارة والبورصة والأسعار ، تُقدم النشرة الأرقام والنسب والرسوم البيانية التوضيحية ، يتناول المحللون الإقتصاديون التحليل والتنبؤ والتوقعات.
عبر الإتصالات الهاتفية والفضائية يُستضاف المسؤولون للحديث عن دلالات وابعاد القرارات الاقتصادية والمالية وعن الإجراءات الحكومية والعلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة والشقيقة وتعزيزها في خدمة البلدين
في هذا القسم تُنشر البيانات ويُعلق على التعميمات ويُنقل عبرها التحذير من مغبة الاحتكار والتطفيف ورفع الأسعار والمضاربة بالعملة والكثير والكثير من التحذيرات والقرارات .
أمام هذا الكم الهائل من الأخبار الاقتصادية يقف المواطن اليمني ( مشدوفا ) بلا راتب وإن حصل عليه ففي العام مرتين أو ثلاث يزيد أو ينقص قليلا ، راتبٌ من أبرز صفاته أنه لا قيمة له ولا وزن ولاطعم ولا رائحة ، مع تعدد مذيعي النشرة الاقتصادية يستبشر المواطن ويتفاءل مع صَباحة وجوه أولئلك المذيعين ومَلاحة وجوه المذيعات أن ثمت خبر انتظام الراتب وارتفاعه ( كما وقيمة ) مقرونا بانخفاض سعر الدولار وعلو كعب الريال ونزول الأسعار.
مع تعدد اشكال الرسوم البيانية الاقتصادية وارتفاع الأسهم وانخفاضها في ذات النشرة ،يُرجِع المواطن بصره كرتين وثلاث ويُشنف سمعه لعله يجد بين تلك الرسوم والمنحيات رسما أو خبرا عن استئناف تصدير النفط والغاز والثروة السمكية وارتفاع قيمة الصادرات وانخفاض سعر الواردات.
والمواطن يرى ويسمع تلاوة قرارات التعديلات والتغييرات في المناصب الحكومية والحقائب الوزاريه لغرض دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام فإنه يأمل تفعيل الأجهزة الرقابية ومحاكم الأموال العامة ومحاكمة المفسدين وعزل الفاسدين بعد محاسبتهم وإعلان حالة تقشف حكومي متكاملة ابتداءً من رأس الهرم في المنظومة الحاكمة إلى أصغر مسؤول في هذه المنظومة.
الأرقام والنسب والرسوم والتحليلات والقرارات والإجراءات المالية والاقتصادية التي تنقل وتجري على ألسنة مذيعي الأخبار الاقتصادية وتدور في شريط الأخبار الرئيسية نقلا عن القيادة والحكومة مالم تكن مقرونة ومصاحبةً لإجراء عملي وفعلي ومدروس ومستدام لرفع المواطن من خط القبر بعيدا عن خط الفقر فإنما هي جرعة أفيون سياسي لن تصيب المواطن بالإدمان لأنه اكتسب مناعة لكثرة هذه الجرعات وإنما ستوِقد في داخله ثورة جائع لاتبقي ولاتذر.