”ميناء المكلا على أعتاب نهضة بحرية... تفاصيل خطة التوسعة التي تُعيد رسم مستقبل حضرموت الاقتصادي”

في خطوة تُعدّ الأهم على صعيد تنشيط الاقتصاد المحلي وتعزيز الدور الاستراتيجي لمحافظة حضرموت كبوابة بحرية رئيسية على ساحل البحر العربي، كثّفت السلطة المحلية اليوم من تحركاتها الميدانية والتشاورية لبدء تنفيذ مشروع توسعة ميناء المكلا وتطوير نشاطه الملاحي والتجاري، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحويل الميناء إلى مركز لوجستي وتجاري إقليمي.
وقد عقد محافظ حضرموت الأستاذ مبخوت بن ماضي اجتماعاً موسعاً مع مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية، خُصّص لمناقشة سبل تطوير البنية التحتية للميناء، واستعراض عدد من المشاريع الحيوية التي من شأنها أن ترفع من كفاءته التشغيلية وتوسّع من قدرته على استيعاب الحركة التجارية البحرية المتنامية.
وأكد المحافظ خلال الاجتماع حرص السلطة المحلية على دعم جهود تطوير ميناء المكلا وتوسيعه بما يُمكّنه من استقبال أكبر عدد ممكن من السفن التجارية، وفتح خطوط نقل بحري جديدة تربط المحافظة بأسواق إقليمية ودولية. وشدّد على أهمية البدء فوراً في إنشاء "لسان بحري جديد"، باعتباره حلاً جوهرياً لرفع الطاقة الاستيعابية للميناء، وحلحلة المعوقات التي تحدّ من جذب السفن التجارية، لا سيما تلك العاملة في خطوط الشحن الدولية.
كما وجّه المحافظ بضرورة رفع كفاءة الكوادر الفنية والإدارية العاملة في الميناء، وتطوير مهاراتها بما يتماشى مع المعايير العالمية في إدارة الموانئ، مشدداً على أهمية متابعة تنفيذ مشروع خط النقل البحري الذي يربط المكلا بالصين، والذي يُعدّ نافذة استراتيجية لتصدير المنتجات المحلية، لا سيما المعادن التي تزخر بها المحافظة، والاستفادة من عائداتها في دعم الاقتصاد الوطني.
وفي سياق متصل، دعا المهندس سالم علي باسمير، رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر العربي، رجال المال والأعمال في حضرموت إلى المبادرة بالمساهمة في إنشاء "شركة تطويرية مساهمة" تُعنى بتشييد اللسان البحري وتنفيذ مراحل التوسعة المقررة للميناء. وأشار باسمير إلى أن هذا المشروع لا يقتصر على تعزيز الصادرات المحلية فحسب، بل يُعدّ ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني، وخلق فرص استثمارية واعدة، وتوفير آلاف فرص العمل للشباب الحضرمي.
واستجابة لهذه الدعوة، عقد المحافظ لقاءً موسعاً مع قيادة غرفة التجارة والصناعة بعدن وعدد من كبار رجال المال والأعمال في المحافظة، حيث شدّد على ضرورة أن يضطلع القطاع الخاص بدور فاعل وريادي في دعم مشروع تطوير الميناء، باعتباره مشروعاً استراتيجياً يعوّض الفرص الضائعة التي نتجت عن ضعف الإمكانيات في السنوات الماضية. ولفت إلى أن توسعة الميناء ستُسهم بشكل مباشر في رفع طاقته الاستيعابية من الحاويات، وتعزيز ميزته التنافسية مقارنة بموانئ المنطقة، ما سينعكس إيجاباً على جذب الاستثمارات وتنشيط الحركة التجارية.
واستمع المحافظ خلال اللقاء إلى مداخلات عدد من وكلاء المحافظة وقيادات الغرفة التجارية ورجال الأعمال، الذين أجمعوا على أهمية تعزيز الشراكة بين السلطة المحلية والقطاع الخاص في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، لا سيما تلك ذات البعد الاستراتيجي مثل مشروع تطوير ميناء المكلا. وعبّر الحاضرون عن استعدادهم الكامل للمساهمة في دعم المشروع مالياً وفنياً، مشيرين إلى أن نجاحه سيمثّل نقلة نوعية في مسيرة التنمية الاقتصادية للمنطقة.
وفي ختام اللقاء، تمّ الاتفاق على تشكيل "فريق فني متخصص" مهمته تقويم الدراسة الفنية الخاصة بتوسعة الميناء واعتمادها بشكل نهائي، إلى جانب تشكيل "فريق استثماري مالي" يُعنى بوضع الإطار القانوني والتنظيمي المناسب لطبيعة الاستثمار في هذا المشروع الحيوي، بما يضمن الشفافية ويحفّز المشاركة الواسعة من القطاع الخاص.
ويُنظر إلى هذه الخطوات على أنها بداية حقيقية لعصر جديد من التطوير والانفتاح الاقتصادي في حضرموت، حيث يُنتظر أن يُعيد ميناء المكلا اكتشاف دوره التاريخي كمركز تجاري بحري رائد، ويُسهم في دفع عجلة التنمية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل التحديات الراهنة.