مدينة غزة تستقبل العائدين.. مئات آلاف الفلسطينيين يعودون في مشهد تاريخي يهزم مخططات التهجير (فيديو)

في مشهد مهيب يختصر حكاية الصمود الفلسطيني، توافدت مئات الآلاف من الأسر والنازحين اليوم الجمعة إلى مدينة غزة وشمال القطاع، عقب دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من شارع الرشيد الساحلي (شارع البحر)، عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا بتوقيت القدس.
الطريق الساحلي، الذي ظلّ لشهور مغلقًا بالدبابات والآليات العسكرية، فُتح أخيرًا أمام السيول البشرية العائدة إلى الدمار والذكريات. تدفق المواطنون عبر جسر وادي غزة، سيرًا على الأقدام وعلى متن المركبات الخاصة والدراجات النارية والهوائية، في مشهد مؤثر يعيد إلى الأذهان العودة الجماعية التي شهدها القطاع بعد الهدنة السابقة في فبراير/شباط الماضي.
لم تكن عودتهم سهلة. فعلى الرغم من محاولات الاحتلال المستميتة لمنعهم من المرور عبر إطلاق النار والقذائف المدفعية، واصل الفلسطينيون طريقهم متحدّين، في تجسيد حيّ لعزيمة لا تُقهر وإصرار لا ينكسر. قال أحد العائدين وهو يسير حاملاً أمتعته: "لن نترك غزة، حتى لو عاد القصف ألف مرة".
تلك الجموع التي كانت قد أُجبرت على النزوح نحو مناطق الوسط والجنوب تحت القصف والمجازر، عادت اليوم إلى المدن والأحياء التي دمّرها الاحتلال، تحاول أن تبدأ من جديد فوق الركام. نصب البعض خيامًا مؤقتة وسط الأنقاض، فيما راح آخرون يبحثون عن بقايا منازلهم وذكرياتهم في أزقة المدينة المنكوبة.
وأفادت مصادر محلية أن عودة السكان تجري عبر طريقي الرشيد وصلاح الدين، وأن غالبيتهم يقطعون مسافات تصل إلى 7 كيلومترات سيرًا على الأقدام، في رحلة عودة تختلط فيها الدموع بالأمل.
ويمتد شارع الرشيد من شمال القطاع إلى جنوبه، وقد كان شاهدًا خلال حرب الإبادة على عشرات المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق المدنيين الفارين من النيران، ليغدو اليوم طريق العودة والانتصار المعنوي للشعب الفلسطيني.
وفي وقت متأخر من الليلة الماضية، صادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي رسميًا على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ليدخل الاتفاق حيز التنفيذ مع أولى ساعات الصباح، معلنًا انتهاء فصلٍ دموي جديد وبداية فصلٍ من التحدي والإصرار الفلسطيني على البقاء.
وهكذا، يعود الفلسطينيون إلى غزة ليس لأن الطريق بات آمنًا، بل لأنهم أصحاب الأرض المقاومون للاحتلال الغريب والكيان الإجرامي الطارئ، الصامدون في وجه كل محاولات التهجير الخبيثة، بإرادة فولاذية لا تنكسر.