المشهد اليمني

تحالف دولي من أجل السلام في اليمن... لماذا؟

الجمعة 10 أكتوبر 2025 05:47 مـ 18 ربيع آخر 1447 هـ
تحالف دولي من أجل السلام في اليمن... لماذا؟

أطلق فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي في سبتمبر الماضي، دعوة لتشكيل تحالف دولي من أجل فرض السلام في اليمن، وقد اختار فخامة الرئيس المكان بعناية، إذ أطلق هذا النداء ضمن كلمته، من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قدّم رؤية يمنية متماسكة ودعا إلى تشكيل «تحالف دولي فعّال من أجل استعادة أمن واستقرار اليمن» وإعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية». وأشار إلى أن اليمن اليوم لا يمثل مجرد أزمة داخلية، «بل أصبح اختباراً لمصداقية النظام الدولي».

كما أوضح فخامة الرئيس وبلغة صريحة، أن تغافل الكثيرين عن جوهر الأزمة اليمنية، «شجع الحوثيين وداعميهم على التمادي نحو تهديد السلم الإقليمي والدولي، واستهداف مصادر الطاقة ثم ممرات الملاحة، وصولاً إلى اختطاف موظفي الأمم المتحدة، والتنكيل بهم». واعتبر أن السنوات الماضية أثبتت أن سياسة إدارة الصراع «لم تجلب سوى مزيد من الويلات والدمار» و«بأن السلام المنشود لا يمكن أن يستجدى، بل أن يفرض بالقوة».

يُطرح هنا سؤال جوهري يمثل مدخلاً للتفكير الجدي في إقامة تحالف دولي لدعم الحكومة اليمنية لفرض السلام: لماذا هذا التحالف؟

• منذ بداية الانقلاب الحوثي في 2014م، حذرت الحكومة اليمنية من العديد من التهديدات والمخاطر التي تشكلها جماعة الحوثي إلا أن العالم لم يتجاوب بالمستوى المناسب والمطلوب، وكانت النتيجة أن كل ما حذرت منه الحكومة اليمنية حدث وعلى رأس كل ذلك الهجمات المتكررة على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وأخرها الهجوم على السفينة التي تحمل العلم الهولندي أواخر سبتمبر الماضي، بكل ما يحمله ذلك من تأثير على حركة التجارة الدولية.

كانت المملكة العربية السعودية والتحالف العربي من استمع وأدرك رسائل الحكومة اليمنية، وتحرك الأشقاء في المملكة منذ اليوم الأول وإلى الآن لدعم الحكومة اليمنية في الوصول إلى السلام في اليمن، ولذلك فإنه مهم للغاية أن يستمع بقية العالم لرؤية الحكومة اليمنية وبناء آلية للعمل المشترك معها ومع تحالف دعم الشرعية في إطار مواجهة التهديدات التي يمثلها الحوثي والتي أصبحت على المستوى الدولي.

• جماعة الحوثي جعلت من المناطق التي تسيطر عليها رهينة للخوف والبؤس، وتشكّل تهديداً دائماً وليس مؤقتاً، وتشكّل تهديداً إقليمياً ودولياً وليس محلياً فقط، وهو ما يتطلب وقفة دولية موحدة أمام هذا الخطر، والذي أصبح مثبتاً أنه يتنامى مع الوقت و«التراخي»، خاصة مع ورود تقارير دولية تتحدّث عن تزويد الحوثي بأسلحة محرمة دولياً.

من الواضح أن العالم مع الوقت أصبح أكثر قناعة بأن الجماعة الحوثية عائق ومعرقل حقيقي للسلام الذي ينشده كل اليمنيين، بالإضافة إلى أن مكوّنات المجتمع الدولي أصبحت تشعر بالضرر وبشكل مباشر من جماعة كان يعتقد في البداية أنها منزوية في ركن بعيد من العالم وينحصر ضررها فيه، وهذا كله يتطلب تحركاً بحجم هذا التهديد وهذا الضرر.

• إن وجود جماعة منفلتة في موقع إستراتيجي مهم وحساس مثل المناطق التي يسيطر عليها الحوثي في اليمن، في خضم تفاعلات دولية حادة وتوتر عالمي كبير غير مسبوق، يمثل خطورة مضاعفة تتطلب استعادة النظام في هذا الموقع وعدم السماح للحوثي بأن يحوّل الموقع الإستراتيجي المهم لليمن إلى إحدى أدوات الصراع العالمي.

في فترة يرتفع فيها مستوى الاستقطاب ومستويات السيولة الشديدة على المسرح الدولي سيكون من الخطير للغاية إبقاء جماعة مستعدة تماماً للارتهان لأي قوى تحقق لها مصالحها الضيقة والتي على رأسها الحصول على المزيد من السلاح ونشر المزيد من الفوضى في اليمن والإقليم، ويكون من المهم الفهم الجاد لما يمثله هذا الأمر من تهديد وحتمية مواجهته بصورة جماعية جادة.

• السلام لن يتأتى بالنوايا الطيبة والتمنيات، فلا سلام بدون قوة، ولا قوة بدون دعم حقيقي وجاد وعلى مستوى إقليمي ودولي لرفد وتقوية مؤسسات الدولة الشرعية واستعادة احتكارها للقوة وفرض القانون على كامل جغرافية اليمن، وبتحالف دولي يرفد ويدعم جهود الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي والتحالف العربي في تحرير البلاد، وهو ما يتطلب ضمن حزمة من المتطلبات، فهماً حقيقياً من قبل وحدات المجتمع الدولي لمدى إلحاح وخطورة جماعة الحوثي وامتداد خطرها دولياً، وتقديم دعم حقيقي ومؤثر لإنهاء بؤر تهديد الأمن الإقليمي والدولي.

مما لا شك فيه أن استعادة السلام في اليمن وإنهاء الانقلاب الحوثي هو مهمة يمنية ولا يمكن أن تتم إلا بعزيمة اليمنيين وبإيفائهم لواجبهم الوطني تجاه بلادهم، وفي نفس الوقت فإن التحالفات الدولية عنصر مهم في إدارة السياسة الدولية والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وكان دورها واضحاً ومؤثراً في الكثير من الحروب والنزاعات عبر التاريخ، وظهرت أهمية هذا الدور مؤخراً في التحالف الدولي للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي.

إن نداء فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي لتشكيل تحالف دولي لدعم الدولة اليمنية في استعادة السلام وفرضه بالقوة، هو في الحقيقة دعوة للتحالف من أجل السلم والأمن الإقليمي والدولي، ورسالة بأن الحكومة اليمنية شريك جاد وصادق في الوصول لهذا الأمن والسلام في اليمن والإقليم والعالم، والأمل هنا أن يتجاوب العالم هذه المرة ويستمع لصوت اليمن.

* نقلا عن / عكاظ