المشهد اليمني

من ثورة 2011 إلى مطالبات باسترجاع المنازل: كيف انقلبت المطالب في تعز؟

الجمعة 10 أكتوبر 2025 08:09 مـ 18 ربيع آخر 1447 هـ
تعز
تعز

فجر الصحفي اليمني المعروف فتحي أبو النصر، صباح اليوم، ما وصفه متابعون بـ"القنبلة المدوية"، حين وجّه انتقادًا لاذعًا إلى سلطة الأمر الواقع في محافظة تعز، مُسلّطًا الضوء على تحوّل مفاجئ في مطالب المواطنين بعد سنوات من الصراع السياسي والانقسامات.

ففي منشورٍ مقتضب لكنه حمل دلالاتٍ ثقيلة، نشره أبو النصر على صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك"، كتب قائلاً:
"خرجنا ضد عفاش نطالبه بتسليم مؤسسات الدولة للشعب، ورجعنا نطالب الإصلاحيين بتسليم بيوت الناس لأصحابها!!".

المنشور، الذي لاقى تفاعلًا واسعًا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ختمه الصحفي بسؤالٍ استنكاري عميق: "مالذي يجري؟"، ليُعيد فتح ملفاتٍ شائكة تتعلق بانتهاكات مُحتملة للحقوق العقارية والممتلكات الخاصة في المدينة التي تُعدّ من أكثر المحافظات اليمنية تضررًا من الحرب والانقسامات.

ويُعدّ أبو النصر من الأصوات الصحفية البارزة في المشهد الإعلامي اليمني، ويعرف بمواقفه النقدية الصريحة تجاه مختلف الأطراف السياسية، سواءً في فترة حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح أو في ظل الترتيبات الراهنة التي تشهدها مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا.

ويأتي منشور أبو النصر في سياق تصاعد الغضب الشعبي في تعز من ممارسات بعض الجهات العسكرية والمدنية المرتبطة بأحزاب سياسية، لا سيما حزب الإصلاح، الذي يُنظر إليه على أنه القوة النافذة في المدينة منذ سنوات. ويشتكي سكان محليون مرارًا من عمليات استيلاء على منازل وممتلكات خاصة، بحجة "الاستخدام العسكري" أو "مصلحة الجبهة"، دون أي آليات قانونية واضحة لإعادة هذه الممتلكات إلى أصحابها بعد انتهاء الحاجة إليها.

ويُعيد هذا التصريح إلى الأذهان مطالب الحراك الشعبي الذي انطلق في 2011، والذي طالب حينها بإنهاء الفساد واستعادة مؤسسات الدولة من قبضة النظام السابق، ليتحول اليوم – وفق ما يشير إليه أبو النصر – إلى مطلبٍ أكثر تواضعًا وألمًا: استعادة بيوت المواطنين من أيدي جهات تدّعي تمثيل الشرعية بينما تمارس – حسب وصف الناشطين – سلوكًا لا يختلف كثيرًا عن ممارسات النظام السابق.

ويُنتظر أن يثير هذا المنشور موجة جديدة من النقاشات حول مفهوم "الشرعية" و"الحكم المحلي" في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، خاصةً في ظل غياب رقابة مؤسسية فاعلة، وتفاقم ظواهر الفساد والانتهاكات الحقوقية التي باتت تهدّد النسيج الاجتماعي في المحافظة المنكوبة.

وفيما لم تصدر أي جهة رسمية في تعز تعليقًا فوريًا على تصريحات أبو النصر، فإن السؤال الذي طرحه – "مالذي يجري؟" – يتردد اليوم كصدىٍ عميق في أروقة المدينة، حيث يبحث المواطنون عن إجاباتٍ لا تأتي، وعن عدالةٍ تأجلت طويلاً.