المشهد اليمني

تعز تحتفي بعرس جماهيري مؤثر لشاب بعد سنوات من الكفاح كبائع ماء في الشوارع

السبت 11 أكتوبر 2025 08:55 مـ 19 ربيع آخر 1447 هـ
الشاب مشير
الشاب مشير

في مشهدٍ إنساني نادر يعكس أسمى معاني التكافل والوفاء، شهدت مدينة تعز احتفالًا جماهيريًا مؤثرًا بزفاف الشاب "مشير"، الذي عُرف بين أهالي المدينة كبائع ماء بسيط قضى سنواتٍ طويلة يجوب شوارعها تحت لهيب الشمس وقسوة الظروف، يبحث عن لقمة عيشٍ كريمة.

ما ميّز هذا العرس ليس فقط فرحته التي غمرت قلوب الحاضرين، بل القصة الإنسانية العميقة التي سبقته؛ إذ قرّر أهالي الخير في المدينة، بقيادة الإعلامي المعروف محمد الرميمة، أن يردّوا الجميل لهذا الشاب المكافح، الذي لم يتوانَ يومًا عن مساعدة غيره رغم فقره، فكانوا له خير سند في لحظة فرحه.

وقد تحوّل حفل الزفاف إلى مناسبة جماعية حضرها المئات من أبناء تعز من مختلف الأحياء والمناطق، تضامنًا مع مشير وتقديرًا لكفاحه، حيث تكاتفت الجهود المجتمعية لتوفير كل مستلزمات العرس، من ملابس العريس إلى تجهيز القاعة، مرورًا بالهدايا والمساعدات المالية التي قدّمها المحسنون لتمكينه من بدء حياته الزوجية بكرامة وأمان.

وقال الإعلامي محمد الرميمة، أحد المبادرين في هذه المبادرة الإنسانية:
"مشير رمزٌ للإرادة والصبر. رأيناه كل يوم يمرّ بابتسامةٍ صادقة رغم قساوة الحياة، فكان من واجبنا أن نقف إلى جانبه في أهم محطات عمره. هذه ليست مبادرة فردية، بل صرخة أمل من قلب تعز تقول: الخير لا يزال حيًّا، والمجتمع قادر على أن يكون عائلة واحدة في وجه التحديات".

وأضاف الرميمة أن الحملة تمت عبر تواصل اجتماعي واسع ودعوات شعبية، استجابت لها قلوب كثيرة، ما جعل الحلم يصبح واقعًا في غضون أسابيع قليلة.
وأكد أن "القصة لم تكن فقط عن زفاف شاب، بل كانت رسالة إلى كل مَن فقد الأمل: لا تيأس، فهناك من يراك، وهناك من يؤمن بك".

من جهته، عبّر العريس "مشير" عن دهشته وامتنانه، قائلاً بدموعٍ خجولة:
"ما حدث لي لا أستطيع وصفه. كنت أبيع الماء لأجل لقمة العيش، ولم أتخيل يومًا أن أرى نفسي في عرسٍ كهذا، يحضره كل هؤلاء الناس الطيبين. لن أنسى هذا اليوم طوال حياتي، ولن أنسى من وقف معي".

وقد انتشرت صور العرس ومقاطع الفيديو الخاصة به على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل المتابعون مع القصة بإعجابٍ كبير، واصفين إياها بـ"النبراس الذي يضيء طريق الإنسانية"، وداعين إلى تكرار مثل هذه المبادرات في مختلف المدن اليمنية.

وفي خضم الأزمات المتراكمة التي تعيشها البلاد، تبقى مثل هذه المبادرات الشعبية شاهدًا على أن روح التضامن والتكافل لا تزال نابضة في قلوب اليمنيين، وأن الفرح، مهما تأخر، قادرٌ على أن يولد من رحم المعاناة، ليُذكّر الجميع بأن "الخير لا يزال حاضرًا".