انقذوا الامم المتحدة من نفسها في اليمن

المقال الأخير الذي نشره الصحفي المتميز فارس الحميري حول سلوك مكتب المنسق العام للأمم المتحدة في صنعاء، يحتوي على كشف خطير لطبيعة تعامل وكالات الأمم المتحدة في مناطق سيطرة الحوثيين، وتفريطها الفاضح بموظفيها اليمنيين، بل وعبثها بأرواحهم وحياتهم.
لقد فقدت هذه المنظمات ما تبقى لها من مناعة أو حصانة حقيقية، حتى على المستوى الدبلوماسي. وليس لديها أي مانع من جعل الموظفين المحليين اليمنيين هم من يدفعون الثمن، ثمناً لرغبة مَرَضية في البقاء داخل مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وخدمتهم بدرجة أساسية، أكثر من أي اهتمام بإيصال المساعدات الإنسانية أو الإسهام الفعلي في حل المشكلة اليمنية، سواء سياسياً أو تقنياً.
القول إن نسبة المعتقلين أو المختطفين أو المحتجزين لا تتعدى 5٪ من إجمالي الموظفين المحليين، لا يليق بمنظمة أممية يُفترض أنها ملتزمة أخلاقيًا تجاه كل موظف دون استثناء. هذه ليست إلا متاجرة رخيصة، وتبريرًا غير مقبول لكل ما تمارسه الجماعة الحوثية من انتهاكات بحق اليمنيين العاملين في المنظمات الدولية.
على الحكومة الشرعية أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه المواطنين اليمنيين، وألا تواصل الصمت المريب تجاه هذا السلوك المشين. عليها أن تخرج من حالة اللامبالاة وأن تتخذ موقفًا يتناسب مع وضعها القانوني والوطني.
لقد أصبحت الأمم المتحدة رهينة، غير قادرة على تحرير نفسها من قبضة الحوثيين، وعلى الحكومة أن تبادر إلى تحرير الأمم المتحدة أولاً، وفك قيودها التي تمنعها من أداء دورها بحياد ومسؤولية.
بل أن مقدراتها أصبحت في خدمة الجماعة الحوثية وتعمل كما لو أنها مسؤول مكتب أشغال عامة لدى سلطة الجماعة تسخّر ما لديها من امكانيات لنيل رضى الجماعة.
كما يتوجب على وزير الخارجية، ووزير حقوق الإنسان، ووزير الشؤون القانونية، التحرك العاجل واتخاذ الخطوات اللازمة على المستوى الدولي والإقليمي، من أجل حماية اليمنيين العاملين في وكالات الأمم المتحدة، وفضح هذا السلوك الانتهازي والتمييزي.
سلوك المنسق العام جوليان هارنس هو بمثابة إعلان صريح بأن مكاتب الأمم المتحدة لن تحمي موظفيها، بل ستلقي بهم كالكراتين البالية عند انتهاء مصلحتها منهم.