المشهد اليمني

”إذا تركها أخوها… فأنا أخوها!” –قيادي حوثي يدعم فنانة يمنية شهيرة في رسالة تُخفي وراءها مناورة دعائية في زمن القمع والتمييز

الخميس 23 أكتوبر 2025 12:07 صـ 2 جمادى أول 1447 هـ
الفنانة فتحية ابراهيم
الفنانة فتحية ابراهيم

ي مشهد دراماتيكي يحمل طابعًا دعائيًا أكثر من كونه إصلاحًا اجتماعيًا، أعلن القيادي الحوثي عبدالسلام جحاف استعداده لتمثيل الفنانة اليمنية الشهيرة فتحية إبراهيم قانونيًا بعد أن طردها شقيقها من منزل العائلة وحرمها من نصيبها الشرعي في الميراث. وعرض جحاف تحمل جميع التكاليف القضائية والقانونية "بدون أي مقابل"، مُطلقًا عبارةً باتت تُتداول على نطاق واسع:

"فإن تركها أخوها… فأنا أخوها."

لكن وراء هذا الخطاب العاطفي، يبرز سؤالٌ جوهري: هل يمكن لجماعة تُمارس أبشع أشكال التمييز ضد المرأة أن تكون صادقة في دفاعها عن حقوقها؟

الوجه الآخر للحوثيين: قمعٌ منهجي تحت شعار "الشرف والدين"

في الوقت الذي يدّعي فيه قادة الحوثي الدفاع عن "الشريعة" و"العدالة"، تواصل جماعتهم فرض وصاية ذكورية صارمة على النساء في مناطق سيطرتها. فمنذ انقلابهم على الدولة عام 2014، فرض الحوثيون:

  • منع الفتيات من السفر دون محرم، حتى للعلاج أو الدراسة.
  • إغلاق مراكز التدريب المهني للنساء بحجة "الحفاظ على الأخلاق".
  • اعتقال ناشطات حقوقيات مثل هدى العامري وآية سالم لمجرد مطالبهن بحقوق أساسية.
  • استغلال خطب الجمعة والمنابر الدينية لنشر خطاب تحريضي ضد المرأة العاملة أو المطالبة بحقوقها.

والأدهى أن محاكم الحوثيين نفسها تُصدر أحكامًا تمييزية ضد النساء في قضايا الميراث، وغالبًا ما تُجبرهن على "الصلح العشائري" الذي يُلغي حقوقهن القانونية مقابل "السلام الأسري" — وهو ما يجعل عرض جحاف مناورة استثنائية لا تُغيّر القاعدة.

ميراث المرأة في زمن الحوثي: بين الخطاب والواقع

رغم أن الشريعة الإسلامية تُلزم بإعطاء المرأة نصيبها في الميراث، فإن الحوثيين — الذين يرفعون شعار "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام" — يتجاهلون تمامًا أن "النصر للإسلام" لا يبدأ بالشعارات، بل بإنصاف المظلوم، حتى لو كانت امرأة.

وتشير تقارير حقوقية مستقلة إلى أن نسبة حرمان النساء من الميراث في مناطق الحوثي تضاعفت منذ سيطرتهم، بسبب:

  • انهيار القضاء الرسمي وتفشي "المحاكم العرفية" التي تُدار بعقلية قبلية ذكورية.
  • غياب أي حماية قانونية للمرأة المطالبة بحقها.
  • استخدام الميليشيات لقضايا الميراث كوسيلة للابتزاز أو فرض الولاء.

في هذا السياق، تبدو مبادرة جحاف كبالونٍ دعائي يُطلق في سماءٍ ملأها الدخان: فبينما يُعلن "أخوّته" لفتاة مظلومة، تواصل جماعته سَوق النساء إلى الزواج القسري، ومنعهن من التعليم، وتجريم عملهن في المجال العام.