المشهد اليمني

أخطر من القنابل.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر في غزة بسبب مادة الإسبست

السبت 25 أكتوبر 2025 03:05 مـ 4 جمادى أول 1447 هـ
الوضع في غزة
الوضع في غزة

أطلقت الأمم المتحدة إنذارًا عاجلًا من كارثة بيئية وصحية وشيكة تهدد سكان القطاع جراء انتشار مادة الإسبست (الأسبستوس) القاتلة داخل أنقاض المباني المدمرة، فبين الركام الذي خلّفته الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023، تختبئ ألياف لا تُرى بالعين المجرّدة، لكنها قد تكون أخطر من القنابل نفسها، لما تسببه من أمراض مسرطنة مميتة تدوم آثارها لعقود.

193 ألف مبنى متضرر و4.9 مليون طن من الركام الملوّث

كشف تقرير برنامج تحليل الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة (أونوسات)، أن الحرب أدت إلى تدمير أو تضرر نحو 193 ألف مبنى في غزة حتى الثامن من يوليو 2025، أي ما يعادل 78% من إجمالي مباني القطاع قبل الحرب.
وأشار التقرير إلى أن نحو 4.9 مليون طن من الأنقاض قد تكون ملوّثة بمادة الإسبست، التي كانت تُستخدم في الأبنية القديمة كمادة عازلة ومقاومة للحرارة، وهذه الكميات الضخمة تمثل خطرًا بيئيًا وصحيًا غير مسبوق، إذ يمكن أن تتحول إلى غيوم من الألياف المسرطنة تنتقل في الهواء عند رفع الأنقاض أو حرقها أو نقلها دون احتياطات متخصصة.

الإسبست.. القاتل الصامت بين أنقاض غزة

بحسب تعريف الأمم المتحدة، فإن الإسبستوس هو مجموعة من المعادن الليفية الطبيعية التي تمتاز بمقاومتها العالية للحرارة والتآكل، وقد استخدمت لسنوات طويلة في العزل الحراري والبناء وصناعة الفرامل.
لكن حين تتلف المواد المحتوية عليه، تتحرر ألياف دقيقة جدًا يمكن أن تبقى عالقة في الهواء لفترات طويلة، وعند استنشاقها تستقر داخل الرئتين مسببة أمراضًا خطيرة مثل:

  • سرطان الرئة

  • داء الأسبستوس (تليف الرئتين)

  • الورم المتوسط، وهو من أخطر أنواع السرطان المرتبط بالتعرض للأسبست

ويصف الخبراء الإسبست بأنه "القاتل الصامت"، لأنه لا يُرى أو يُشم، لكن أضراره تمتد لسنوات، وقد تظهر أعراضها بعد عقود من التعرض له.

خطر بيئي يهدد المستقبل

تحذر تقارير الأمم المتحدة من أن إزالة الأنقاض في غزة دون إشراف هندسي متخصص قد يؤدي إلى انتشار واسع للملوثات السامة في الهواء والمياه والتربة، ما يخلق أزمة بيئية طويلة الأمد تضاف إلى المأساة الإنسانية المستمرة.
ويُقدر أن إجمالي الركام في القطاع وصل إلى أكثر من 61 مليون طن، ما يجعل غزة واحدة من أكثر مناطق العالم دمارًا بالنسبة لمساحتها، وسط غياب شبه كامل للبنية التحتية البيئية أو أنظمة إدارة النفايات.
ويؤكد خبراء البيئة أن أي تعامل عشوائي مع الأنقاض قد يؤدي إلى تسرب الألياف المسرطنة إلى مناطق سكنية، ما يعني أن خطر الإسبست لا يهدد فقط العاملين في الإزالة، بل الأجيال القادمة أيضًا.

مطالب أممية بخطط عاجلة لإدارة الأنقاض

دعا برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) إلى وضع خطط دقيقة لإدارة النفايات الملوثة بالإسبست، تشمل تدريب العاملين على ارتداء معدات الحماية الكاملة، وإنشاء مناطق عزل خاصة لتخزين الأنقاض قبل التخلص منها بطرق آمنة.
وشددت الأمم المتحدة على أن أي عملية إعادة إعمار لغزة يجب أن تبدأ بإزالة آمنة للركام الملوث، وإلا ستتحول مشاريع الإعمار إلى قنابل بيئية مؤجلة تهدد حياة الملايين على المدى الطويل.

بين الدمار والأمل.. غزة تواجه معركة جديدة

يعيش سكان غزة اليوم بين أنقاض الحرب، يواجهون خطرًا لا يُسمع له صوت، لكنه أكثر فتكًا من الانفجارات.
ومع استمرار الأزمة الإنسانية، تبقى الحاجة ماسة إلى تدخل دولي عاجل يضع البيئة والصحة العامة على رأس أولويات إعادة الإعمار، فالمعركة لم تعد فقط ضد الحرب، بل أيضًا ضد التلوث والموت الصامت المنتشر في الهواء.

الإسبست.. تهديد خفي يحتاج إلى إنقاذ حقيقي

في ظل الأرقام الصادمة، يبدو أن خطر الإسبست في غزة قد يتجاوز الخسائر المادية والبشرية التي خلفتها الحرب، ليصبح تحديًا بيئيًا وصحيًا عالميًا.
وتبقى الأنظار موجهة نحو المجتمع الدولي: هل يتحرك سريعًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ أم ستبقى غزة تواجه وحدها القاتل الصامت المدفون في الركام؟

الكلمات المفتاحية

الأمم المتحدة ، الإسبست، مادة الإسبست في غزة، خطر الأسبستوس، دمار غزة، الحرب على غزة 2025، الكارثة البيئية في غزة، رفع الأنقاض، أضرار الإسبستوس، سرطان الرئة، برنامج أونوسات، التلوث في غزة، إعادة إعمار غزة.