المشهد اليمني

رشاد ومجلي وإعادة الريتويت

الأحد 26 أكتوبر 2025 02:29 مـ 5 جمادى أول 1447 هـ
رشاد ومجلي وإعادة الريتويت

في خضمّ الصراع الدائر في اليمن بين شرعيةٍ محلية ودولية تمثّل الجمهورية اليمنية بسلطاتها وقوانينها النافذة، وبين ميليشيا الحوثي الإرهابية التي دمّرت الدولة وأغرقت البلاد في أتون حربٍ وجحيمٍ مستمرّ منذ أكثر من عقدٍ من الزمان — ضاعت خلاله حياةُ الشعب ومقدّراته، ولم يبقَ سوى أطلالٍ تتشبّث بالبقاء ومحاولاتٍ متكرّرة لاستعادة وطنٍ مسلوبٍ وجمهوريةٍ تائهةٍ عن حاضنتها العروبية — يقف مجلس القيادة الرئاسي في معركةٍ مزدوجة: معركة إعادة بناء الدولة من جهة، ومعركة صدّ محاولات النخر فيها من داخلها من جهةٍ أخرى.
تحت قيادة الدكتور رشاد العليمي وعضوية سبعة من القادة البارزين، تعيش الدولة حالة من الصراع الإعلامي أكثر منها السياسي؛ صراعٌ تغذّيه ضجّة المنصّات ومالٌ يُنفق لإعلاء أصواتٍ على أخرى. ومع ذلك، حين يجتمع المجلس، تسود لغة المسؤولية والعقل. هناك نرى طارق صالح يبتسم، ومجلي والعرادة والزبيدي والمحرمي وعبدالله العليمي يتبادلون الرأي بروحٍ من الانضباط، بينما يظل البحسني في حالة تنقّلٍ دائم بين المواقع.
في هذا المجلس دفّةٌ تُقاد بالكثير من الصبر والحكمة، وعقولٌ تدرك أن الحوار والبقاء هما طريق الإصلاح.
ورغم ما يعصف بالمشهد من أمواجٍ داخلية، يواصل رشاد العليمي قيادة السفينة بثبات، متجاهلًا الصخب الذي يصدر من أطرافٍ أخرى تُثير الغبار في الفضاء الإلكتروني وتوزّع التهم جزافًا فقط لإثبات الوجود، ولسان حالها يقول: “اسمعونا، فنحن هنا.”
ومع كل هذا الضجيج، لم يُعرف عن رئيس المجلس ومجلي – أنهم أنفقوا أموالًا لتأليب الإعلام أو استخدموا “الواتساب” لتخوين بعضهم بعضًا.
يظهر رشاد العليمي وعثمان مجلي بهدوءٍ واتزانٍ لافتين؛ لا يتكئان على جيوشٍ إلكترونية، ولا يملكان أبواقًا إعلامية تروّج لهما. كلاهما يعمل بصمت، يتركان أثرًا بالفعل لا بالقول.
وقد رُوي أن رشاد قال ذات مرة لأحد المقرّبين منه: “لا تلتفتوا إلى الصراع الإعلامي، دعوهم يقولون ما يشاؤون عني. أبقوا أقلامكم مصوّبة نحو الحوثي، فهو العدو، ولا عدوّ سواه.”
أما عثمان مجلي، فمجلسه يخلو من الإعلاميين، ونادرًا ما يظهر في وسائل الإعلام، إذ يرى أن كثيرًا منها تحكمه نزعاتٌ زائفة، ولذلك يفضّل البقاء قريبًا من قلب الحدث، بعيدًا عن الأضواء، عاملًا بصمتٍ ومسؤولية.
ليس في المجلس من يُلام، فجميع أعضائه يدركون أن عدوّهم واحد هو الحوثي، وما عداه مجرّد تبايناتٍ سياسية يمكن تجاوزها.
لكن يبقى رشاد هو من يمسك دفّة القيادة بحكمةٍ وهدوء، رافضًا الانجرار إلى المهاترات الإعلامية التي تُبدّد طاقة الدولة وتُضعف موقفها أمام أعدائها.
في الختام، من المؤسف أن نرى بعض الأقلام تُحرّف الكلمة وتزوّر المعنى، وهي من ذات الصفّ وذات الطريق.
فأيّ خللٍ داخل المجلس سيرتدّ أثره على الشعب، ليزيد من معاناته وأزماته اليومية.
لذلك، أناشد أعضاء مجلس القيادة الرئاسي أن يوقفوا أدواتهم الإعلامية عن النيل من بعضهم البعض؛ فأنتم جسدٌ واحد، إن اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى.
وما يحدث اليوم في دار جارك، قد يحدث غدًا في دارك. فاحذروا أن تستهلككم المعارك الجانبية، وأنتم في مواجهةٍ مع عدوٍّ يتربّص بكم جميعًا.