نتائج مذهلة.. تحليل الحمض النووي يكشف أسرار أمراض جيش نابليون في كارثة 1812
في اكتشاف علمي غير مسبوق، أعلن فريق من الباحثين الفرنسيين عن فكّ أحد ألغاز التاريخ العسكري، بعد أن كشفت تحاليل الحمض النووي لبقايا جنود جيش نابليون بونابرت عن الأسباب الحقيقية وراء الانهيار المأساوي لحملته العسكرية على روسيا عام 1812، والتي انتهت بفقدان أكثر من تسعين في المئة من قواته.
أسرار أمراض جيش نابليون في كارثة 1812
أوضحت تقارير علمية حديثة، نقلتها شبكة "دويتشه فيله"، أن دراسة الحمض النووي لبقايا الجنود الفرنسيين المدفونين في مقبرة جماعية بليتوانيا، قادت إلى اكتشاف نوعين غير معروفين سابقًا من البكتيريا المسببة لأمراض قاتلة، كان لهما دور خفي في حصد أرواح عشرات الآلاف من الجنود أثناء انسحابهم من الأراضي الروسية المتجمدة.
اكتشاف بكتيري غير متوقع
أجرى الباحثون في معهد باستور الفرنسي تحاليل دقيقة لعينات من رفات 13 جنديًا، وتبيّن وجود بكتيريا السالمونيلا المعوية المسببة لحمى نظيرة التيفوئيد، إضافة إلى بكتيريا البوريليا المتكررة التي تسبب الحمى الانتكاسية هذان المرضان لم يكونا معروفين في ذلك الوقت، ولم تُسجّل أي علاقة سابقة بينهما وبين الكارثة التي أصابت الجيش الفرنسي خلال انسحابه الشهير من روسيا.
وأوضح الباحثون أن الأعراض التي تسببت بها تلك الأمراض، مثل الحمى الشديدة والتعب وآلام العضلات، كانت تتشابه مع أعراض أمراض أخرى منتشرة حينها كالتيفوس وحمى الخنادق، مما جعل الأطباء الميدانيين عاجزين عن التمييز بين الحالات أو تقديم العلاج المناسب.
الشتاء القاسي والعدوى الفتاكة
قاد نابليون جيشه الضخم، الذي كان يُعدّ الأكبر في أوروبا آنذاك، والمكوّن من نحو نصف مليون جندي، في محاولة لإخضاع القيصر الروسي ألكسندر الأول ضمن الحصار التجاري المفروض على بريطانيا، غير أن الحملة تحولت إلى مأساة إنسانية بعد أن باغت الجيش الفرنسي الشتاء الروسي القارس ونفدت المؤن، فبدأ الجنود يسقطون واحدًا تلو الآخر بفعل الجوع والبرد والمرض، وتشير نتائج البحث إلى أن العدوى البكتيرية لعبت دورًا أساسيًا في تسريع انهيار الجيش، إذ تفشّت بين الجنود على نحو واسع بسبب ضعف المناعة وسوء الأحوال الصحية في المعسكرات المتجمدة، مما جعل فرص النجاة شبه معدومة.
تطور علمي يعيد قراءة التاريخ
قائد فريق البحث العالم نيكولاس راسكوفان من معهد باستور، أكد أن هذا الاكتشاف العلمي يسلّط الضوء على جانب طالما أُهمل في تحليل الحملة النابليونية على روسيا، مشيرًا إلى أن تقنيات تحليل الحمض النووي القديم أصبحت اليوم قادرة على كشف أمراض انقرضت منذ قرون وأضاف أن الفريق ما زال يواصل دراسة عينات جديدة على أمل التوصل إلى أمراض أخرى ربما ساهمت في هذه الكارثة التي غيّرت مسار التاريخ الأوروبي وأضعفت الإمبراطورية الفرنسية إلى الأبد.
بهذا الإنجاز، لا يقتصر الأمر على حلّ لغز طبي عمره أكثر من مئتي عام، بل يفتح الباب أمام فهم أعمق لكيفية تداخل العوامل البيئية والصحية في تشكيل مصير الجيوش والإمبراطوريات عبر التاريخ.
