كارثة وشيكة؟ الإغلاق الحكومي يدفع ملايين الأمريكيين نحو الجوع والفوضى الاقتصادية
تواجه الولايات المتحدة الأمريكية أزمة إنسانية واقتصادية متصاعدة تهدد استقرارها الاجتماعي، مع استمرار الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني دون أي بوادر للحل، وبينما يستمر الجدل السياسي الحاد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول الموازنة الفيدرالية، تدفع ملايين الأسر الأمريكية الثمن، بعد إعلان إدارة الرئيس دونالد ترامب عن خفض كبير في تمويل برنامج المساعدة الغذائية التكميلية المعروف بـ "سناب"، وهو البرنامج الذي يمثل طوق النجاة لملايين الفقراء في البلاد.
أزمة تمويل غير مسبوقة
أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية عن اللجوء إلى استخدام 4.65 مليارات دولار من صندوق الطوارئ لضمان استمرار صرف المساعدات الغذائية مؤقتًا، إلا أن هذا المبلغ يغطي فقط نصف احتياجات نحو 42 مليون مواطن يستفيدون من البرنامج في مختلف الولايات، ويُعد "سناب" أحد أهم البرامج الاجتماعية في الولايات المتحدة، إذ يعتمد عليه شخص من كل ثمانية أمريكيين لتوفير الغذاء لعائلاتهم، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة، ومع استمرار الإغلاق الحكومي، بات هذا الدعم الحيوي مهددًا بالتوقف الكامل في أي لحظة، ما قد يدفع الملايين إلى مواجهة الجوع والعوز.
تداعيات إنسانية متزايدة
في ظل هذه الأزمة، تتوالى القصص المأساوية التي تعكس عمق المعاناة. تقول ساندرا جوزمان، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 36 عامًا، إنها لم تحصل على قسائم الطعام منذ الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن هذه القسائم كانت تغطي نحو 40% من نفقاتها الشهرية أما ماري ويلوبي، البالغة من العمر 72 عامًا، فانتظرت لساعات في طابور طويل أمام أحد المراكز الخيرية للحصول على معونة غذائية بسيطة مع حفيدتها، محذرة من أن استمرار تجميد المساعدات قد يقود إلى اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق.
معاناة المراكز الخيرية
من جانب آخر، تواجه المؤسسات الخيرية المحلية ضغوطًا هائلة في ظل تزايد الطلب على المساعدات وقال برايان غرين، رئيس بنك الطعام في مدينة هيوستن، إن تعليق صرف المساعدات الحكومية ترك أكثر من 425 ألف أسرة دون دعم غذائي، مؤكدًا أن المنظمات الخيرية تبذل جهودًا مضنية لتعويض هذا النقص، لكنها لا تستطيع سد الفجوة الكبيرة الناتجة عن توقف التمويل الحكومي.
غضب شعبي وانتقادات واسعة
تصاعدت حدة الغضب في الأوساط الشعبية الأمريكية مع تزايد الشعور بعدم المساواة في إدارة الموارد وعبّرت كارولين غاي، وهي مواطنة تبلغ من العمر 51 عامًا، عن استيائها قائلة إن الحكومة تنفق ملايين الدولارات على مشاريع غير ضرورية في البيت الأبيض بينما تدّعي عدم توفر الأموال لإطعام الفقراء، هذا التناقض في الأولويات أثار موجة من الانتقادات الحادة للإدارة الأمريكية، التي تواجه اتهامات بعدم مراعاة الظروف الإنسانية للمواطنين محدودي الدخل.
خطر الفوضى الاقتصادية والاجتماعية
يحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار الإغلاق الحكومي سيقود إلى آثار كارثية على المدى القريب، ليس فقط على الأسر الفقيرة، بل على الاقتصاد الأمريكي بأكمله، فتعطيل البرامج الاجتماعية الأساسية يعني تراجع القوة الشرائية وتزايد معدلات الفقر والجريمة، في حين تهتز ثقة المواطنين في قدرة مؤسسات الدولة على حماية أبسط حقوقهم المعيشية.
بين الجدل السياسي والمصالح الحزبية، يقف ملايين الأمريكيين على حافة الجوع في انتظار حل ينقذهم من المجهول ومع غياب التوافق بين القوى السياسية، يزداد المشهد قتامة، لتتحول أزمة الإغلاق الحكومي إلى اختبار حقيقي لإنسانية الدولة التي طالما تباهت بقدرتها على حماية مواطنيها.
