أزمة ثقة في المؤسسة العسكرية.. كيف أصبح إعلامي سابق ”لواء ركن”؟
أثارت تساؤلات أطلقها الإعلامي والباحث ماجد الداعري جدلاً واسعاً في الأوساط العامة والسياسية، محيلاً الضوء على قضية مثيرة للجدل تتعلق بالزميل الصحفي السابق، أبو بكر علي الجبولي، الذي يقدم نفسه حالياً برتبة "لواء ركن" ويشغل مناصب قيادية عليا في الجيش، وهي الخطوة التي دفعت الداعري لطرح علامات استفهام كبيرة حول شرعية هذا التعيين والمسار المهني الذي أوصل الجبولي إلى هذه المرتبة.
وفي منشور مفصل له على وسائل التواصل الاجتماعي، تناول الداعري القضية من عدة زوايا، بدأها بالتأكيد على غياب أي إعلان رسمي عن التشكيلات العسكرية التي يُفترض أن يقودها الجبولي. وقال الداعري، بصفته صحفياً ومتابعاً دقيقاً للقرارات الجمهورية والتحركات العسكرية، إنه "لم يقرأ أو يسمع بأي خبر رسمي حول تشكيل لواء عسكري باسم 'اللواء الرابع مشاه جبلي'، ولا اعتماد 'محور عسكري بطور الباحة' وتعيين قائد لهما"، مما يثير الشكوك حول حقيقة هذه التشكيلات وما إذا كانت معتمدة ضمن هيكلية القوات المسلحة الرسمية.
غير أن الجوهر الأعمق للتساؤلات، كما يرى الداعري، لا يتعلق بالوحدات العسكرية بقدر ما يتعلق بالشخصية نفسها، وكيفية حصولها على رتبة "لواء ركن" بهذه "البساطة"، وهو لقب لا يمنح إلا لضباط خاضعوا لمسار مهني طويل وشاق.
سلسلة استفهامات حادة:
ولم يكتفِ الداعري بالإشارة إلى غياب الإعلانات، بل طرح سلسلة من الاستفهامات الحادة التي تستدعي إجابات من السلطات العسكرية والرئاسية، مستفسراً عن مدى استيفاء الجبولي للمتطلبات الأكاديمية والعسكرية الصارمة اللازمة لنيل هذه الرتبة الرفيعة، وتساءل بشكل صريح:
- متى درس في كلية عسكرية؟ وما هي الكلية التي تخرج منها كضابط؟
- متى تأهل وتخرج من كلية القيادة والأركان؟ وهي المؤسسة الأكاديمية العليا التي لا غنى عنها لنيل صفة "الركن".
- هل اجتاز كل مراحل التأهيل العسكري ومستويات الاستحقاق الأكاديمي التي تمنح "الركن" وتؤهله لقيادة وحدات كبيرة؟
أهمية الرتبة وشروطها:
وشدد الداعري على أن رتبة "لواء ركن" ليست مجرد لقب، بل هي ذروة المسار المهني العسكري، لا تُمنح إلا بقرار جمهوري بناءً على توصية من وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة. وأوضح أن الاستحقاق الحقيقي لهذه الرتبة يتطلب سنوات طويلة من الدراسة الأكاديمية العليا، وخبرات قتالية وقيادية ميدانية متراكمة، وتدرجاً واضحاً في المناصب القيادية على مختلف المستويات، وهو مسار يبدأ من تخرج الضابط من الكلية الحربية وينتهي بوصوله إلى هذه المرحلة المتقدمة من عمره المهني.
وتأتي هذه التساؤلات في وقت حساس، حيث تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول معايير التعيين في المناصب القيادية العليا في الدولة، ومدى التزامها بمبادئ الكفاءة والخبرة والمسارات المهنية المتبعة. ويبقى الجمهور في انتظار رد رسمي من الجهات المعنية (رئاسة الجمهورية، وزارة الدفاع، هيئة الأركان) لوضع حد للجدل المتصاعد وتقديم توضيحات حول هذه القضية التي تمس مصداقية المؤسسة العسكرية وشفافية تعييناتها القيادية.
