ترامب يفتح النار على شركات تعبئة اللحوم.. وزارة العدل الأمريكية تبدأ التحقيق في تلاعب الأسعار واحتكار السوق
في تصعيد جديد للأزمة الاقتصادية التي تضرب الأسواق الأمريكية، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهامات مباشرة إلى شركات تعبئة اللحوم الكبرى بالتواطؤ والتلاعب بأسعار لحوم البقر في البلاد، وذلك بالتزامن مع إعلان وزارة العدل الأمريكية فتح تحقيق رسمي في القضية بالتعاون مع وزارة الزراعة الأمريكية.
وزارة العدل تحقق في شبهة تواطؤ شركات اللحوم ورفع الأسعار
وأكدت شبكة “سي إن بي سي” الاقتصادية أن هذه الاتهامات جاءت في وقت حساس بالنسبة لإدارة ترامب، حيث تتراجع شعبيته وسط تصاعد الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، بينما تتزايد الضغوط على البيت الأبيض بعد خسائر الجمهوريين في الانتخابات الأخيرة، التي فُسرت جزئياً كرد فعل على فشل الإدارة في معالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
وزارة العدل الأمريكية تدخل على الخط
وبحسب بيان رسمي، بدأت وزارة العدل الأمريكية تحقيقًا يقوده قسم مكافحة الاحتكار، للوقوف على حقيقة ما إذا كانت الشركات الكبرى في قطاع اللحوم قد تواطأت في رفع الأسعار بصورة غير قانونية، وقالت وزيرة العدل بام بوندي إن “التحقيق جارٍ على نطاق واسع”، مؤكدة أن الوزارة لن تتساهل مع أي ممارسات احتكارية تؤثر على المستهلك الأمريكي.
وفي منشور على منصة “تروث سوشيال”، كتب ترامب:
«شركات تعبئة اللحوم تتلاعب بالأسعار وتستغل الشعب الأمريكي، لكننا لن نصمت»،
دون أن يقدم أدلة مباشرة على تلك المزاعم، ورغم أن هذا الاتهام ليس الأول من نوعه، فإن الجديد هو دخول وزارة العدل رسميًا في التحقيق، مما يرفع من حدة المواجهة بين الحكومة والشركات العملاقة المسيطرة على السوق.
أسعار اللحوم تصل لمستويات قياسية
تشير بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي إلى أن سعر اللحم المفروم بلغ 6.32 دولارات للرطل في سبتمبر الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ عقود، ما تسبب في زيادة الضغوط على الأسر الأمريكية، ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية قد تكون من أقوى الاختبارات الاقتصادية لإدارة ترامب، خاصة مع تزايد الغضب الشعبي وارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة والسكن في آن واحد.
من جانبها، نفت جولي آنا بوتس، رئيسة معهد اللحوم الأمريكي، تلك الاتهامات تمامًا، مؤكدة أن الشركات ليست السبب في ارتفاع الأسعار، بل تعاني من خسائر كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار الماشية ونقص الإمدادات، وأضافت أن السوق يخضع لتنظيم حكومي صارم، وأن بيانات وزارة الزراعة تشير إلى استمرار الأزمة حتى عام 2026 بسبب العوامل المناخية وندرة العمالة الزراعية.
أزمة معقدة وأبعاد سياسية
يرى محللون أن أزمة أسعار لحوم البقر في أمريكا أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه، إذ تتداخل فيها عوامل اقتصادية وسياسية وزراعية، من بينها انخفاض أعداد الماشية، وارتفاع تكاليف العمالة والإيجارات، إلى جانب الطلب المتزايد على البروتين الحيواني داخل وخارج الولايات المتحدة.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن ترامب يسعى من خلال الهجوم الحالي إلى استعادة ثقة المستهلك الأمريكي دون خسارة دعم مربي الماشية، الذين كانوا من أبرز مؤيديه قبل أن يشعروا بالخيبة من اقتراحه الأخير باستيراد لحوم من الأرجنتين لتغطية النقص المحلي.
كما تحاول الإدارة التخفيف من حدة الأزمة عبر تسهيل برنامج التأشيرات الزراعية المؤقتة لتوفير العمالة اللازمة للمزارع والمجازر، بعدما تسببت السياسات السابقة في نقص كبير بالأيدي العاملة.
تحقيق جديد في سياق أزمة قديمة
ويُذكر أن هذا التحقيق ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن اتهمت إدارة الرئيس الأسبق جو بايدن الشركات نفسها بالاستفادة من جائحة كورونا لتحقيق أرباح ضخمة على حساب المستهلكين، وأطلقت حينها مبادرات لتقليل نفوذ تلك الشركات وتعزيز المنافسة في السوق، لكن مع استمرار ارتفاع الأسعار رغم تغير الإدارات، يبدو أن أزمة اللحوم الأمريكية أعمق من مجرد اتهامات سياسية، بل تمس جوهر الاقتصاد الأمريكي وسلامة السوق الحرة.
