نجاة الرئيس السوري أحمد الشرع من عمليات اغتيال والكشف عن الجهة المنفذة
كشف مسؤولان بارزان، أحدهما من الشرق الأوسط والآخر أمني سوري، عن إحباط محاولتين منفصلتين لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" استهدفتا الرئيس السوري أحمد الشرع خلال الأشهر الماضية، في وقت تستعد فيه دمشق للانضمام رسميًا إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم المتشدد.
وبحسب المصدرين، فإن إحدى المحاولتين كانت تستهدف مناسبة رسمية معلنة مسبقًا، دون الكشف عن تفاصيل إضافية نظرًا لحساسية الملف. ولم يتضح ما إذا كانت أجهزة الاستخبارات الأميركية أو الغربية قد قدمت معلومات استخبارية بشأن تلك المحاولات، رغم التهديدات المتكررة التي وجهها التنظيم للقيادة السورية الحالية.
وزارة الإعلام السورية امتنعت عن التعليق على الحادثتين، مشيرة إلى أسباب أمنية، لكنها أكدت في بيان أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يشكل تهديدًا فعليًا لسوريا والمنطقة. وأضافت أن وزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات العامة تمكنا خلال الأشهر العشرة الماضية من إحباط عدة هجمات مرتبطة بالتنظيم، استهدفت مواقع متعددة بينها مواقع دينية.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية السورية السبت عن تنفيذ عملية أمنية واسعة بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، استهدفت خلايا تابعة لتنظيم الدولة في عدد من المحافظات، بناءً على معلومات استخبارية دقيقة ومتابعة مستمرة لتحركات العناصر. وشملت العملية مناطق في حماه، ريف دمشق، حمص، حلب، إدلب، الرقة، دير الزور، والبادية السورية، وأسفرت عن تفكيك خلايا واعتقال عدد من المطلوبين.
وتأتي هذه التطورات في وقت يستعد فيه الرئيس السوري أحمد الشرع للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، ضمن زيارة رسمية تُعد خطوة مفصلية في مسار العلاقات السورية الأميركية. ويأمل الشرع أن يسهم الاجتماع في تعزيز الدعم الدولي لجهود إعادة إعمار سوريا، التي قدّر البنك الدولي تكلفتها بأكثر من 216 مليار دولار.
منذ توليه السلطة في ديسمبر/كانون الأول الماضي عقب عملية عسكرية قادتها المعارضة الإسلامية وأطاحت بالرئيس السابق بشار الأسد، يسعى الشرع إلى ترسيخ صورته كقائد معتدل، ويعمل على بناء علاقات جديدة مع الغرب والعالم العربي، بعد أن كانت سوريا حليفًا رئيسيًا لروسيا وإيران.
وتنسق الحكومة السورية منذ أشهر مع الجيش الأميركي في العمليات ضد تنظيم الدولة، ومن المتوقع أن يعزز الانضمام الرسمي إلى التحالف هذا التعاون. كما يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لبناء الثقة مع الكونغرس الأميركي بهدف رفع العقوبات المتبقية على سوريا قبل نهاية العام.
وفي إطار هذا التحول، أفادت تقارير بأن الجيش الأميركي يستعد لتأسيس وجود له في قاعدة جوية قرب دمشق، رغم أن وسائل إعلام رسمية سورية نفت صحة هذه المعلومات دون تقديم تفاصيل إضافية.
قبل توليه الرئاسة، كان الشرع يقود هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية انفصلت عن تنظيم القاعدة عام 2016، وخاضت مواجهات عنيفة مع تنظيم الدولة الإسلامية لأكثر من عقد، شملت حملات عسكرية واعتقالات في معاقل التنظيم بإدلب.
وفي يونيو/حزيران الماضي، شهدت دمشق تفجيرًا انتحاريًا استهدف كنيسة، أسفر عن مقتل 25 شخصًا، واتهمت الحكومة تنظيم الدولة الإسلامية بالوقوف خلف الهجوم، رغم عدم إعلان التنظيم مسؤوليته.
وتسعى دمشق من خلال الانضمام إلى التحالف الدولي إلى توجيه رسالة بأن أجهزتها الأمنية قادرة على اختراق التنظيم، وأنها شريك فاعل في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
ويلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الاثنين، بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، في اجتماع وصفته وكالة الصحافة الفرنسية بأنه "تاريخي"، ويأتي بعد أيام من إزالة اسم الشرع من قوائم الإرهاب الأميركية، في خطوة تعكس تحولًا سياسيًا بارزًا في المشهد السوري.
زيارة الشرع إلى واشنطن، التي بدأت أمس الأول السبت، تُعد الأولى لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946، وتأتي بعد عملية عسكرية خاطفة قادها الشرع وفصائل أخرى أطاحت بالرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لتنهي نزاعًا دام أكثر من 14 عامًا.
وتسعى سوريا، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، إلى تأمين دعم دولي لإعادة الإعمار، حيث قدّر البنك الدولي تكلفة العملية بأكثر من 216 مليار دولار. وفي هذا السياق، أجرى الشرع محادثات مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، تناولت فرص المساعدة الاقتصادية، كما التقى ممثلين عن منظمات سورية في واشنطن.
اللقاء المرتقب بين الشرع وترامب يأتي بعد لقاء أول جمعهما في مايو/أيار الماضي خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن الملف الأمني سيكون في صدارة جدول الأعمال، وسط تقارير عن وساطة أميركية بين سوريا وإسرائيل بشأن اتفاق أمني محتمل، بالإضافة إلى توقعات بانضمام سوريا رسميًا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، قد أعلن في وقت سابق أن الشرع قد يوقّع اتفاقًا بهذا الشأن خلال زيارته الحالية. ويُذكر أن التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، ألحق هزيمة عسكرية بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا عام 2019، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تخوض حاليًا مفاوضات للاندماج مع الجيش السوري.
وتأمل الحكومة السورية في أن تسفر هذه الزيارة عن رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على البلاد خلال فترة حكم الأسد، في وقت يتوقع فيه مراقبون أن تطرح واشنطن شروطًا تشمل انضمام دمشق إلى ما يسمى باتفاقيات "أبراهام"، وإنهاء النفوذ الإيراني والروسي في سوريا.
وفي تعليق على الزيارة، اعتبر مايكل حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، أن لقاء الشرع بترامب يحمل "رمزية كبيرة"، ويعكس انتقال الشرع الذي كان يُعرف بـ"أبو محمد الجولاني" من موقع الزعيم المتشدد إلى موقع رجل الدولة على الساحة الدولية.
