الحوثيون يحولون الاتصالات إلى ذراع تمويل وتجسس وتهديد للأمن الوطني اليمني
تواصل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران نهجها في السيطرة على مؤسسات الدولة وتحويلها إلى أدوات لتمويل مشروعها العسكري والفكري، وكان قطاع الاتصالات أحد أبرز القطاعات التي استحوذت عليها الميليشيا وسخرتها لخدمة أهدافها غير المشروعة.
فقد كشفت تقارير يمنية أن إيرادات الاتصالات العامة والخاصة في مناطق سيطرة الحوثيين تجاوزت 150 مليار ريال يمني خلال عام 2024م، وهي مبالغ ضخمة تُنهب بشكل ممنهج وتُستخدم في تمويل العمليات العسكرية، وتثبيت النفوذ الأمني والسياسي للجماعة، في ظل حرمان الدولة من أهم مواردها المالية.
لم تكتفِ الميليشيا بتحويل القطاع إلى مصدر تمويل، بل جعلت منه أداة تجسس ومراقبة شاملة على اليمنيين، وتؤكد تقارير حقوقية أن الحوثيين يستخدمون أنظمة الاتصالات لمراقبة المكالمات والرسائل، وانتهاك خصوصيات المواطنين، بهدف ابتزازهم أو إخضاعهم لسلطتهم، كما تم توظيف كوادر أمنية في الشركات العاملة في صنعاء لإدارة عمليات الرصد والاختراق، ما جعل الاتصال الهاتفي في مناطق الحوثيين أداة رقابة أكثر منه وسيلة تواصل.
ومنذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، عمدت الميليشيا إلى فرض رقابة صارمة على الإنترنت وحجب المواقع الإخبارية المعارضة، في محاولة لعزل اليمنيين عن العالم الخارجي، والتحكم في تدفق المعلومات، وتوجيه المحتوى لخدمة دعايتها الفكرية ومشروعها الطائفي.
كما حولت خدمات الرسائل النصية إلى وسيلة دعائية، تُستخدم في إرسال شعارات الجماعة وتجنيد المقاتلين، وجمع الأموال لما يسمى "المجهود الحربي".
وفي سياق سعيها لتكريس احتكارها للاتصالات، منعت ميليشيا الحوثي دخول خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" إلى مناطق سيطرتها، لما تمثله من خطر على منظومة الرقابة التي تفرضها.
ويرى مراقبون أن هذا القرار يعكس خوف الميليشيا من فقدان قدرتها على حجب الحقيقة والسيطرة على المعلومات، خصوصاً مع تزايد الاعتماد العالمي على تقنيات الاتصالات الفضائية.
تحول قطاع الاتصالات في اليمن، الذي يفترض أن يكون ركيزة للتنمية والاقتصاد، إلى أداة حرب وتمويل غير مشروع بيد ميليشيا إيرانية مسلحة، ما جعل استعادته من قبضة الحوثيين أولوية وطنية واقتصادية.
ويؤكد خبراء أن إعادة هذا القطاع إلى الحكومة الشرعية لا تمثل مجرد خطوة فنية، بل إجراء سيادياً ضرورياً لحماية الأمن القومي، وضمان عدم استغلال الاتصالات في تمويل الصراعات أو انتهاك خصوصية المواطنين.
وفي ظل هذا الواقع، تبقى الاتصالات في اليمن واحدة من أبرز الجبهات التي تحتاج إلى تحرير، ليس فقط لاستعادة الخدمة من يد الميليشيا، بل لإنقاذ الاقتصاد الوطني، وحماية المجتمع من رقابة ميليشيا جعلت من التكنولوجيا وسيلة قمع لا وسيلة حياة.
