المشهد اليمني

الخطر الذي سيحول صنعاء إلى مدينة أشباح.. وايت الماء قد يصل سعره إلى 200 الف ريال!!

الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 01:40 صـ 20 جمادى أول 1447 هـ
الخطر الذي سيحول صنعاء إلى مدينة أشباح.. وايت الماء قد يصل سعره إلى 200 الف ريال!!

تواجه العاصمة اليمنية صنعاء خطرًا متصاعدًا يهدد بتحولها إلى مدينة غير صالحة للعيش، في ظل استمرار الاستنزاف الحاد للمياه الجوفية وغياب التدخلات العاجلة. وتُظهر مؤشرات ميدانية أن عمق الآبار الارتوازية في ضواحي المدينة بلغ مستويات غير مسبوقة، وسط تحذيرات من أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى نضوب كامل للمياه خلال سنوات قليلة.

الكاتب والباحث المهتم بقضايا المياه، علي أحمد التويتي، أشار في منشور على منصة "فيسبوك"، رصده "المشهد اليمني" إلى أن عمق الآبار في منطقة بيت مزور بأرحب وصل إلى 1400 متر، وفي همدان إلى 1200 متر، وهو ما يتجاوز التقديرات السابقة التي تراوحت بين 800 و1000 متر. ولفت إلى أن البعض لا يزال يستهين بالتحذيرات المتكررة منذ عقدين بشأن جفاف المياه في صنعاء، رغم أن المؤشرات الحالية تنذر بانهيار وشيك للمنظومة المائية.

وأوضح التويتي أن استمرار الحفر العشوائي واستنزاف المياه دون حلول فورية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار صهاريج المياه إلى أكثر من 100 ألف ريال، وربما 200 ألف، ما سيجعل المدينة غير قابلة للسكن. ودعا إلى تنفيذ حزمة من الإجراءات العاجلة لتأجيل الكارثة، من بينها:

  • وقف حفر الآبار بشكل كامل.
  • إلزام أصحاب المزارع والآبار الارتوازية بحفر خوازيق بعمق 50 إلى 70 مترًا في مجاري السيول والقيعان، وفق تصاميم تضمن استدامة تغذية المياه الجوفية.
  • تخصيص رسوم وإيرادات الآبار داخل المدن لإنشاء خوازيق في مجاري السيول، مثل سائلة صنعاء والسيول المتدفقة إليها من الجبال والضواحي.
  • إنشاء حواجز مائية في حوض صنعاء، مزودة بماكينات تنقية لتوفير المياه للمدينة.
  • إعادة استخدام مياه الصرف الصحي في ري المزارع المحيطة بصنعاء.
  • وقف التوسع العمراني في ضواحي المدن الجبلية المهددة بالجفاف، وتحفيز الانتقال إلى المدن الساحلية، مع نقل المصانع والورش إليها.
  • تضمين شرط حفر خازوق في تراخيص المباني الجديدة وربط مياه الأسطح به لتغذية المياه الجوفية.
  • الحفاظ على البيارات ضمن مشاريع الصرف الصحي، وربط مياه الأسطح بها بعد تنظيفها وصيانتها.

كما شدد التويتي على ضرورة نشر الوعي المجتمعي بخطر نضوب المياه الجوفية، من خلال المدارس والمساجد ووسائل الإعلام ومواقع التواصل، مع التركيز على ترشيد الاستهلاك، خاصة في المزارع التي تعمل بالطاقة الشمسية، وإلزامها بالتحول إلى الري بالتنقيط بدلًا من الغمر.

وفي منشور آخر، أشار التويتي إلى أن عمق بعض الآبار في صنعاء تجاوز مستوى بحيرة سد مأرب، موضحًا أن العاصمة ترتفع 2300 متر عن سطح البحر، بينما يرتفع السد التاريخي 1140 مترًا، ما يعني أن بعض الآبار نزلت إلى أعماق تقل عن مستوى بحيرة السد بـ240 مترًا. وأعرب عن استغرابه من استمرار وجود المياه في هذه الأعماق، مشيرًا إلى أن نصف الآبار في محيط صنعاء تُستخدم لري القات والمزروعات، محذرًا من أن الكارثة ستتجلى عند نضوب المياه بالكامل.

وفي سياق متصل، كانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) قد حذرت في تقرير صدر العام الماضي من نفاد المياه الجوفية في اليمن خلال ست سنوات، مشيرة إلى أن أغلب النزاعات في البلاد تدور حول المياه، في بلد يُعد الأفقر عالميًا من حيث الموارد المائية.

وذكر تقرير حديث للمنظمة بعنوان "الاستفادة من المياه من أجل السلام" أن اليمن بحاجة ماسة إلى فهم شامل لأنظمة إدارة المياه، وآليات استخراجها واستخدامها وتقاسمها وتجديدها. وأوضح التقرير أن تجربة المنظمة في اليمن كشفت عن فجوات كبيرة بين السياسات والاستخدام الفعلي للمياه، إلى جانب نقص التمويل اللازم لتكرار أفضل الممارسات التي أثبتت فاعليتها.

وأشار التقرير إلى أن هذه الفجوات تهدد الأمن الغذائي وصحة الإنسان، وقد تؤدي إلى خسائر بشرية نتيجة النزاعات على الموارد، حيث تدور ما بين 70 إلى 80 في المائة من النزاعات في اليمن حول المياه.

وبحسب التقرير، فإن نصيب الفرد في اليمن من المياه لا يتجاوز 83 مترًا مكعبًا سنويًا، مقارنة بالحد الأدنى العالمي البالغ 500 متر مكعب، ما يجعل اليمن في صدارة الدول الأشد فقرًا مائيًا. ويستهلك القطاع الزراعي نحو 90 في المائة من المياه، يذهب معظمها لزراعة القات، في حين يتم استنزاف المياه الجوفية بمعدل يعادل ضعف معدل تجددها.

وأكدت "فاو" أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى استنفاد أحواض المياه بحلول عام 2030، وهو ما سيشكل تهديدًا مباشرًا على 70 في المائة من السكان الريفيين الذين يعتمدون على الزراعة، ويقوّض جهود التحول في مجال الغذاء والزراعة.