في واقعة هي الأولى من نوعها.. قاضٍ في صنعاء يُلقي حكمًا جزائيًا على صحفي عبر شاشة جواله

في سابقة قضائية غير مسبوقة، كشف الصحفي أحمد عايض عن تفاصيل صادمة لما وصفه بانحدار مريع لمستوى القضاء في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين المسلحة في العاصمة صنعاء.
حيث أقدم قاضي المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة على إصداد حكم جزائي ضد الصحفي والكاتب محمد دبوان المياحي، ليس من على منصة القضاء ولا حتى عبر جلسة استماع رسمية، بل من خلال قراءته للحكم مباشرةً من شاشة هاتفه الجوال.
وحسب المعلومات التي نشرها الصحفي أحمد عايض، فقد قضت المحكمة الموالية للحوثيين بسجن الصحفي محمد المياحي مدة سنة ونصف، كما ألزمته بتقديم تعهد خطي بعدم تكرار النشاطات التي وصفتها الجهة القضائية بـ"المخالفة"، إلى جانب فرض ضمان مالي قدره خمسة ملايين ريال يمني، يلتزم المياحي بدفعه في حال انتقاده مجددًا لسياسات الجماعة أو قياداتها.
ويأتي هذا الحكم الجائر على خلفية منشور نشره الصحفي المياحي على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، انتقد فيه التجمعات الأسبوعية التي تنظمها الجماعة في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، ووصفها بأنها "استعراضات سياسية تخدم أجندات داخلية وخارجية على حساب معاناة الشعب".
ووصفت منظمات حقوق الإنسان والصحفيين المحلية والدولية هذا الإجراء القضائي بأنه "ضربة جديدة لحرية الرأي والتعبير"، وأكدت أن استخدام شاشة الجوال كمنصة لإصدار أحكام جزائية يعكس حالة الفوضى والانحراف التي وصل إليها القضاء في مناطق الحوثيين، وأنه لا يمت بأي صلة للمعايير القانونية أو الشرعية.
واعتبر ناشطون ومراقبون أن هذا الحكم يندرج ضمن سلسلة الانتهاكات المستمرة التي تمارسها الجماعة ضد الصحافيين والمثقفين والنشطاء الذين يعبرون عن آرائهم النقدية، مشيرين إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة وإرهاب المجتمع المدني تحت غطاء ما يُعرف بـ"المحاكمات الجزائية الخاصة".
وفي الوقت الذي طالبت فيه أسرة الصحفي محمد المياحي بالإفراج الفوري عنه، دعت جهات رقابية دولية، من بينها الأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش، المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وضرورة الضغط على الجماعة لإعادة هيكلة القضاء وفصله عن النفوذ الأمني والسياسي.
تجدر الإشارة إلى أن الصحفي محمد دبوان المياحي ليس أول صحفي يواجه مثل هذه المحاكمات التعسفية في صنعاء، إذ سبق وأن اعتقل العشرات من الزملاء في ظروف مشابهة، وحوكموا أمام محاكم تفتقر إلى الحد الأدنى من الشروط القانونية للعدالة والنزاهة.