السفهاء يتبعهم الغاوون!

بعض الناس يعتقد أن الصراخ يُصلح وطنًا، وأن الشتائم تُقيم دولة!
يظنّون أن من يكتب كثيرًا على “تويتر” صار أقرب إلى مركز القرار، ومن يُكثر من الهجوم صار أقرب إلى الحقيقة.
وفي اليمن، صرنا نرى فئة تنقلب كل أسبوع: تُمجِّد مسؤولًا صباحًا، وتلعنه مساءً، فقط لأن “الصورة تغيّرت”، أو لأن مَن وراء الستار أشار!
نفس الفئة التي كانت تكتب “طارق هو الأمل”، تكتب اليوم: “طارق هو العقدة”… وكانت تكتب “فخامة الرئيس”، صارت تكتب “رأس الأزمة”، وكأن الثبات على المبدأ بات عارًا، والولاء يتبع آخر تغريدة لا آخر قناعة.
خرج بيان من المقاومة الوطنية، يتحدث عن الشراكة، وعن غياب المؤسسات، فحوّلته بعض القنوات إلى معركة على الرئاسة!
البيان لم يهاجم أحدًا، بل صحّح البوصلة بهدوء.
لكنهم لا يُحبّون البيان إذا لم يكن صارخًا، ولا يتابعون الرأي إلّا إذا كان مسمومًا.
ثم انطلق البعض يروّج لفيلم رديء: صراع بين العليمي وطارق على الزعامة!
وهكذا تصبح الملاحظة مسؤولية، والتصحيح مؤامرة!
يا سادة، الخلاف ليس عيبًا، بل هو علامة حياة.
والمجلس الرئاسي ليس ناديًا للمنسجمين، بل ساحة حوار بين رجالٍ يختلفون من أجل الوطن، لا يتنازعون عليه.
من يهاجم مجلس القيادة كلما اختلف، كمن يطالب السماء أن تمطر بلا غيم!
إن السفهاء حين يصرخون، يتبعهم الغاوون، ويختبئ العاقل خشية أن يُحسب عليهم.
وأسوأ ما في هذه اللحظة… أن الغباء صار عنوانًا سياسيًّا، والافتراء صار وسيلة إصلاح!
كلُّ وطنٍ تُحكمه ردود الأفعال، تسقط فيه المؤسسات، وتنهار فيه الحقيقة تحت وطأة “الترند”.
فلا تجعلوا من الوطن ساحةً للسفهاء، ولا من الخلاف مشجبًا للتشويه.
واحموا اليمن، لا من العدو فقط، بل من الجهل الذي يظنّ نفسه بديلاً عن الدولة.