القارئ الذي أوقف بثه خوفًا من دخول الناس في الإسلام
الشيخ ناصر القطامي يروي قصة تدخل الملك عبد العزيز بعد منع الكنيسة المصرية إذاعة تلاوة الشيخ محمد رفعت (فيديو)

في ذاكرة الأمة الإسلامية أسماء خالدة لا تمحى، لا بحروفها فقط، بل بتأثيرها العميق في القلوب والعقول، ومن أبرز هذه الأسماء الشيخ المصري محمد رفعت، الذي لم يكن مجرد قارئ قرآن، بل كان ظاهرة صوتية وروحية عابرة للحدود والقارات، جعلت الناس لا يكتفون بسماع التلاوة، بل يعيشونها بكل تفاصيلها وكأنها مشهد مرئي ينبض بالحياة.
صوت لا يُسمع فقط.. بل يُشاهد
يروي الشيخ ناصر القطامي تفاصيل فريدة عن شخصية الشيخ محمد رفعت، ويؤكد أن تلاوته لم تكن مجرد أصوات مرتلة للآيات، بل كانت تجسيدًا حيًا للمشاهد القرآنية. فعندما تسمع الشيخ محمد رفعت يتلو قول الله تعالى:( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك)، تشعر وكأنك ترى العفريت أمامك، وتلمس تفاصيل المشهد كأنه يعرض أمام عينيك، بهذه القدرة الفريدة كان الشيخ محمد رفعت يختلف عن غيره من كبار قراء القرآن الكريم.
المقرئ الأوحد في زمنه
في عصر الملكية بمصر، قبل إعلان الجمهورية، كان الشيخ محمد رفعت هو الصوت الوحيد الذي يُسمح له بتلاوة القرآن عبر إذاعة القاهرة الرسمية، وكان ذلك حدثًا أسبوعيًا ينتظره الملايين في مصر وخارجها، خاصة مع ندرة أجهزة الراديو آنذاك، التي لم تكن متاحة إلا في المقاهي الشعبية.
المقاهي تتحول لمساجد مؤقتة
يتابع الشيخ ناصر القطامي القصة المثيرة فيقول: في ذلك الزمن، لم يكن امتلاك جهاز راديو أمرًا شائعًا، فكان الناس يتجمعون في المقاهي لسماع الأخبار والموسيقى، لكن عند موعد تلاوة الشيخ محمد رفعت، كانت المقاهي تتحول إلى مساجد مؤقتة، يلتف الناس حول الراديو في خشوع عجيب، يستمعون لكلمات الله وكأنهم في حضرة سماوية مهيبة.
من نابلس إلى القاهرة.. رحلة عشق لصوت القرآن
ويذكر الشيخ ناصر موقفًا مؤثرًا نقله له شخصيًا الشيخ محمد رشاد الشريف، مقرئ المسجد الأقصى وإمام جامع الملك عبدالله في الأردن، الذي كان من أشد المعجبين بتلاوة الشيخ رفعت، رغم أنه كان شابًا أزهريًا ملتزمًا، إلا أنه كان يتحايل على الأعراف، ويذهب كل أسبوع إلى مقهى في نابلس ليستمع إلى التلاوة من بعيد، مختبئًا خلف صندوق خشبي بعيدًا عن أنظار الناس، هربًا من انتقادات الجلوس في المقاهي.
لكن في أحد الأيام، وبعد انتظار طويل، لم تُذع التلاوة، واستمر الانقطاع أسابيع طويلة دون تفسير، حتى قادته الأقدار إلى زيارة القاهرة، وهناك التقى الشيخ رفعت، وقبل رأسه، وسأله عن سبب التوقف المفاجئ للبث.
الكنيسة الكاثوليكية وراء إيقاف التلاوة
هنا جاءت المفاجأة، إذ كشف الشيخ رفعت بنفسه أن وزارة الإعلام المصرية تلقت شكاوى من الكنيسة الكاثوليكية بسبب دخول العديد من غير المسلمين إلى الإسلام بعد سماعهم لتلاوته في الراديو، وهو ما دفع السلطات حينها لإيقاف بث تلاوته خوفًا من التأثير المتزايد لصوته.
ويعلق الشيخ ناصر القطامي على ذلك قائلًا: "صدق الله العظيم حين حكى عن الكافرين قولهم: (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون)، فحتى أعداء الدين يدركون تأثير القرآن العظيم".
حتى الملوك تأثروا بصوت محمد رفعت
القصة لم تتوقف عند هذا الحد، بل شهدت فصولًا أخرى أكثر دهشة، إذ يروي الشيخ ناصر أنه بعد فترة الانقطاع، اتصل وزير الإعلام المصري بالشيخ محمد رفعت على وجه السرعة، وأبلغه بأن الدنيا مقلوبة عليه، والسبب أن الملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية، اتصل شخصيًا بملك مصر الملك فاروق، مستفسرًا عن سبب توقف بث تلاوة الشيخ محمد رفعت، بل وطالب بعودته فورًا للبث المباشر.
وهكذا، بفضل تأثير القرآن، تدخلت إرادة الملوك، فعاد صوت الشيخ محمد رفعت ليصدح من جديد، ليس فقط في أرجاء مصر، بل ليملأ الآفاق الإسلامية ويُحيي القلوب بكلمات الله عز وجل.
عظمة القرآن التي لا تُقاوم
ويختم الشيخ ناصر القطامي القصة برسائل عميقة، مؤكداً أن القرآن ليس مجرد كلمات تُتلى، بل هو قوة مؤثرة تُغيّر القلوب وتُهدي العقول، وهو الذي رفع قدر الشيخ محمد رفعت، وأدخل الناس في دين الله أفواجًا، حتى أعداء الدين أدركوا خطره عليهم، فسعوا بكل وسيلة لإسكاته، لكن هيهات، فصوت القرآن لا يُسكت، وتأثيره لا يُحد، والقلوب التي تفتح أبوابها له، لا يمكن لأي قوة أن تُغلقها.
بلاد القرآن.. عز محفوظ ببركة كتاب الله
ويشير الشيخ ناصر إلى أن هذا التأثير لم يقتصر على الأفراد، بل شمل الدول والمجتمعات، قائلاً: "إن الله عزّ هذه الأمة ببركة كتابه، ورفع قدر بلاد الحرمين بسبب خدمتها للقرآن، ودعمها للمساجد، وتحفيظ القرآن الكريم، وهذا فضل عظيم يُذكّرنا دومًا بأن عزّ الأمة مرتبط بكتاب الله وتمسكها به".
القرآن.. رسالة تتوارثها الأجيال
هكذا كانت قصة الشيخ محمد رفعت، ليست مجرد حكاية عن قارئ متميز، بل ملحمة عن تأثير القرآن العظيم، وصوت يلامس الفطرة الإنسانية فيجذب القلوب، ويهدي الحيارى، ويثبت المؤمنين، ويبقى هذا التأثير مستمرًا في أجيال الأمة، طالما بقي صوت القرآن يتردد في المساجد، والبيوت، وأجهزة الراديو، وكل وسيلة تحمل هذه الرسالة السماوية الخالدة.
محمد رفعت، الشيخ محمد رفعت، قصة محمد رفعت، تلاوة محمد رفعت، تأثير القرآن الكريم، الكنيسة الكاثوليكية ومحمد رفعت، إذاعة القرآن في مصر، الشيخ ناصر القطامي، قصص القراء، تأثير تلاوة القرآن، ملك عبد العزيز ومحمد رفعت، الملك فاروق والقرآن، قصة دخول غير المسلمين في الإسلام، صوت محمد رفعت، محمد رشاد الشريف، تلاوة القرآن وتأثيرها.