الإثنين 14 يوليو 2025 01:27 صـ 19 محرّم 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

هل يمكن حقًا التخفي عن عيون الأقمار الصناعية؟

الأحد 13 يوليو 2025 09:17 مـ 18 محرّم 1447 هـ
قمر صناعي
قمر صناعي

تخيل أن آلاف الأقمار الصناعية تحلق في صمت على ارتفاع مئات الكيلومترات، تُراقب الأرض ليل نهار: تصوّر الحقول والمدن، تتابع حركة الدبابات والقواعد العسكرية، وحتى حرارة محركات المركبات ليلاً. يبدو للوهلة الأولى أنه لا مفر من تلك “العيون التي لا تنام”… فهل هذا صحيح؟ أم أن في جعبة البشر وسائل تمكنهم من الاختفاء أو على الأقل التمويه أمامها؟

أنواع الأقمار الصناعية: عيون متنوعة المهام

لا تُشبه كل الأقمار بعضها: بعضها مزوّد بكاميرات بصرية عالية الدقة تلتقط الصور تمامًا كآلة تصوير ضخمة في الفضاء. بعضها الآخر مزوّد بأجهزة استشعار حرارية تلتقط حرارة الأجسام الحية والمركبات حتى في الظلام. وهناك نوع ثالث يعتمد على الرادار (SAR) قادر على الرؤية حتى وسط الغيوم الكثيفة أو العواصف الرملية.

هذه الأقمار لا ترى ما تراه أعيننا فحسب؛ بل تجمع بيانات متعددة الطبقات لتكوين صورة شاملة وصعبة المراوغة.

كيف تُحاول الجيوش أن تُخفي أسرارها؟

رغم تطور هذه الأقمار، لا تزال الجيوش تستخدم تقنيات فعّالة جدًا للتمويه والخداع، منها:

• شبك التمويه وأغطية خاصة: تُغيّر شكل الهدف ولونه، وتقلل انعكاس الضوء أو الأشعة تحت الحمراء.
• تقليل البصمة الحرارية: باستخدام دهانات خاصة، أو تشغيل المركبات ليلاً لتقترب حرارتها من حرارة البيئة المحيطة.
• التفكيك والتوزيع: تفكيك المعدات الكبيرة أو نشرها في مناطق متفرقة لتبدو غير مهمة في صور الأقمار.

الخداع الإلكتروني… اللعبة الأخطر

لا يقتصر الأمر على التمويه البصري أو الحراري؛ بل يتعداه إلى الخداع الإلكتروني: إرسال إشارات كاذبة تربك أجهزة الرادار المحمولة على الأقمار، أو حتى بناء أهداف وهمية تُشبه تمامًا القواعد والمعدات العسكرية. أحيانًا تنجح هذه الأساليب وتُضلل الأقمار لبضعة أيام أو ساعات، لكن التطور السريع في الذكاء الاصطناعي يجعل اكتشاف هذه الخدع أكثر احتمالاً بمرور الوقت.

هل الاختفاء الكامل ممكن؟

الواقع أن التخفي الكامل والدائم أمام أساطيل الأقمار الصناعية الحديثة صعب جدًا، خاصة أمام الدول الكبرى التي تستخدم أقمارًا متعددة الأنواع وتربط بياناتها بشبكات تحليل متقدمة. لكن التخفي الجزئي أو المؤقت ممكن وذو قيمة استراتيجية عالية؛ إذ يمكنه أن يمنح القادة وقتًا ثمينًا للمناورة أو حماية الأسرار العسكرية الحساسة.

خلاصة: معركة لا تنتهي

في النهاية، تظل هذه معركة أزلية بين المراقِب والمراقَب: كلما ازدادت الأقمار الصناعية عددًا ودقةً، ازدادت أيضًا حيل التمويه والخداع تعقيدًا ودهاءً. إنها سباق إبداعي لا ينتهي بين من يحاول أن يرى كل شيء… ومن يُحاول أن يختفي عن كل شيء.