”الآبار التي تُشعل الحروب: تفاصيل معركة الماء في قلب تعز”

أُصيب خمسة أشخاص، اليوم الأربعاء، جراء اشتباكات مسلحة اندلعت في حي الرجم بمدينة تعز، على خلفية نزاع حول آبار مياه استراتيجية تُعد المصدر الرئيسي لتغذية عدد من أحياء المدينة القديمة.
وأفاد شهود عيان أن المواجهات اندلعت بين مجموعات من السكان المحليين من جهة، وأشخاص يدّعون أنهم حصلوا على حقوق استئجار آبار المياه من مكتب الأوقاف، من جهة أخرى.
وتركزت الاشتباكات في محيط آبار "الجنات"، التي تقع في أحد المواقع الحيوية من المدينة، وامتدت لساعات، ما أثار حالة من الهلع بين السكان، ودفع العديد منهم إلى مغادرة منازلهم خشية تطور الأوضاع.
وتُعد آبار الجنات من المصادر المائية الأساسية في تعز، حيث تغذي شبكات المياه في أحياء "المعسل" و"السراجية" و"المعتبية" و"الأشرفية" و"المظفر"، إضافة إلى عدد من الجوامع والمرافق العامة في هذه المناطق.
ويعتمد الآلاف من السكان على هذه الآبار في تلبية احتياجاتهم اليومية من المياه، خاصة في ظل تردي البنية التحتية وانقطاع الكهرباء، ما يجعل الوصول إلى مصادر بديلة أمراً بالغ الصعوبة.
وأوضح مصدر محلي أن النزاع تصاعد خلال الأيام الماضية، بعد أن سيطرت مجموعة من الأشخاص على الآبار، مدّعين امتلاكهم لعقد استئجار رسمي من مكتب الأوقاف، وهو ما نفاه عدد من أهالي المنطقة، مؤكدين أن هذه الآبار تقع ضمن أراضٍ وقفية تُستخدم لخدمة السكان منذ عقود، ولا يجوز تخصيصها أو استثمارها بشكل خاص.
وأشار المصدر إلى أن مكتب الأوقاف لم يُصدر حتى الآن موقفاً رسمياً أو قراراً حاسماً بشأن صحة العقد أو شرعيته، مما أدى إلى تفاقم التوترات، وتحول النزاع إلى مواجهات مسلحة.
ودعا ناشطون محليون إلى تدخل عاجل من قبل السلطات المحلية والأجهزة الأمنية لاحتواء الموقف، ومنع تدهور الوضع الإنساني والخدمي في المدينة.
وفي سياق متصل، حذّر ناشطون في مجال إدارة الموارد المائية من أن مثل هذه النزاعات تعكس أزمة متصاعدة في إدارة الموارد الطبيعية في المناطق المحررة، خصوصاً في ظل غياب مؤسسات الدولة الفعالة، وغياب آليات تنظيمية شفافة للاستفادة من المصادر الحيوية مثل المياه.
ودعا عدد من أعضاء المجلس المحلي في تعز إلى عقد اجتماع طارئ لبحث الأزمة، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لدراسة وضع الآبار، واتخاذ قرارات عادلة تضمن حق السكان في الماء، وتمنع استغلال الموارد العامة لأغراض شخصية.
ويأتي هذا الحادث في ظل تفاقم أزمة المياه في تعز، التي تعاني من نقص حاد في التغذية المائية، نتيجة الحرب المستمرة منذ سنوات، وتدمير البنية التحتية، ما يجعل أي تهديد لشبكات التوزيع أو مصادر المياه يُعد خطراً مباشراً على حياة الآلاف.
وطالبت منظمات محلية ودولية بضرورة حماية المرافق العامة، وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد، ودعم جهود إعادة تأهيل شبكات المياه، لضمان وصول الخدمة إلى جميع السكان دون تمييز.