الخميس 28 أغسطس 2025 11:25 مـ 5 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”شبوة تشعل الضوء بـ53 ميجاوات من الشمس.. ودولة عربية تقف وراء هذا الإنجاز الكبير!”

الخميس 28 أغسطس 2025 08:49 مـ 5 ربيع أول 1447 هـ
تدشين محطة الطاقة الشمسية
تدشين محطة الطاقة الشمسية

في مشهد تنموي لافت، دُشّنت اليوم رسميًا محطة الطاقة الشمسية بقدرة 53 ميجاوات في محافظة شبوة، بحضور رسمي وشعبي واسع، وبرعاية كريمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، في خطوة تُعد من أبرز محطات التحول نحو الطاقة النظيفة والتنمية الشاملة في جنوب اليمن.

216.73.216.45

وجرت مراسم الافتتاح تحت سقف من التلاحم المجتمعي، حيث حضر الحفلَ بدعوة من مكتب محافظ شبوة الشيخ عوض محمد ابن الوزير العولقي ومكتب الإعلام بالمحافظة، نخبة من القيادات السياسية والتنفيذية، ومسؤولين حكوميين حاليين وسابقين، وشخصيات اجتماعية وسياسية بارزة، ما شكّل لوحة إنسانية موحدة عكست حجم التفاف أبناء شبوة حول مشروع يخدم مصالحهم المشتركة.

وكان أبرز الحضور اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى جانب سعادة السفير محمد حمد الزعابي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الجمهورية اليمنية، والمهندس محمد الغيثي، رئيس هيئة التشاور والمصالحة، ومعالي وزير الكهرباء والطاقة المهندس مانع بن يمين، ما يؤكد الأهمية الوطنية والاستراتيجية للمشروع.

في كلمته المؤثرة خلال حفل التدشين، وجّه محافظ شبوة نداءً قويًا للحفاظ على ثروات المحافظة وتحقيق الاستفادة العادلة منها، مشيرًا إلى معاناة شبوة الطويلة من استنزاف مواردها الطبيعية، خصوصًا الغاز المصاحب لاستخراج النفط، الذي ظل يُحرق دون استثمار فعلي لأكثر من عقود.

وقال ابن الوزير: "لقد عانت شبوة طويلًا من هدر ثرواتها الطبيعية، وعلى رأسها الغاز المصاحب الذي احترق أمام أعيننا سنوات طويلة دون أن يُستثمر لصالح أبنائها. لكن اليوم نعلن بوضوح: لن نقبل باستمرار هذا الهدر، وسنعمل بكل جدية على استغلال هذه الثروات في مشاريع تخدم المواطن الشبواني".

وأضاف: "كما استفدنا اليوم من أشعة الشمس في هذا المشروع الكهربائي العملاق، فإننا نعاهدكم أن نستثمر كل مورد طبيعي في شبوة لبناء مستقبل أفضل لأبنائنا"، مشيرًا إلى أن محطة الطاقة الشمسية ليست مجرد بنية تحتية، بل رمز لانطلاقة جديدة في مسيرة التنمية المستدامة.

ويُعد المشروع، الذي نُفذ بتمويل سخي من دولة الإمارات، إنجازًا تنمويًا كبيرًا، حيث تضم المحطة أكثر من 200 ألف لوحة شمسية، وتم تنفيذها خلال فترة قياسية، بمشاركة أكثر من 1200 مهندس وفني وعامل، بلغت نسبة أبناء شبوة بينهم 68٪، ما يجعل المشروع نموذجًا يُحتذى به في التكامل بين الدعم الخارجي والمشاركة المجتمعية المحلية.

وأكد المحافظ أن هذا المشروع يُمثل "مرحلة أولى من سلسلة مبادرات تنموية شاملة"، مشيرًا إلى أن تدشين المحطة يفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة، ويُعيد ترتيب أولويات التنمية في المحافظة بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على الموارد غير المتجددة.

وقدّمت شركة إلكتروميكا، المنفذة للمشروع، نموذجًا استثنائيًا في الكفاءة والاحترافية، حيث تمكّنت من إنجاز المحطة وفق أعلى المواصفات الفنية والبيئية، وفي وقت قياسي. وتعتبر الشركة، التي يمتلكها رجل الأعمال اليمني المعروف "أولاد الصغير"، من أبرز الجهات الفاعلة في قطاع الطاقة في الجنوب، حيث تعمل حاليًا على تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الطاقة الشمسية في العاصمة عدن، بقدرة إضافية تبلغ 120 ميجاوات، لتُصبح بذلك إحدى الركائز الأساسية في بناء البنية التحتية للطاقة النظيفة في اليمن.

وقد نال أداء الشركة إشادة واسعة من قبل القيادات الحاضرة، لما أظهرته من التزام بالجودة، واحترام للجدول الزمني، واعتماد على الكوادر الوطنية، في تجسيد عملي لفكرة "التنمية بسواعد أبنائها".

وقدّم السفير الإماراتي محمد حمد الزعابي، في كلمته، التهاني باسم دولة الإمارات قيادة وحكومة وشعبًا، مؤكدًا أن دعم بلاده لليمن لا ينفصل عن مبادئها الثابتة في الوقوف إلى جانب الشعب اليمني، خصوصًا في المجالات الحيوية كالتعليم والصحة والطاقة.

وقال: "ما نراه اليوم في شبوة ليس فقط محطة طاقة، بل رسالة أمل وتنمية. دولة الإمارات تؤمن بأن الاستثمار في الإنسان والبنية التحتية هو السبيل الوحيد لبناء دولة مستقرة ومستقلة"، مضيفًا: "سنواصل دعمنا لمثل هذه المشاريع، لأننا نؤمن أن الضوء الذي يُشعل في شبوة اليوم، سيُضيء مستقبل اليمن بأكمله".

المحطة، التي ستسهم بشكل مباشر في تحسين التغذية الكهربائية في شبوة وتمكين القطاعات الحيوية من مواصلة عملها، تُعد من أكبر المشاريع الشمسية في جنوب اليمن. وستُسهم في تقليل الاعتماد على المولدات الكهربائية التي تعمل بالديزل، وتخفيف الأعباء البيئية والمالية على المواطنين.

لكن الأهم من القدرة الفنية، هو الرسالة الرمزية التي يحملها المشروع: فالتنمية حين تُبنى بشفافية، وبمشاركة مجتمعية، وبشراكة حقيقية مع المانحين، فإنها تُحدث وحدة لا تفرق، وتُلهم أجيالًا بثقة في المستقبل.

53 ميجاوات من الكهرباء؟ نعم. لكنها أيضًا 53 ميجاوات من الأمل، ومن اليقين بأن شبوة، بثرواتها وبأبنائها، قادرة على أن تصنع نهضتها بيدٍ وطنية، ورؤية استراتيجية، ودعمٍ أخوي لا يتوانى.

في النهاية، لم يكن حفل التدشين مجرد احتفالية رسمية، بل كان لحظة وعي جماعي بأن التغيير ممكن، وأن المستقبل يمكن أن يكون أنظف، وأكثر عدلاً، وأكثر استقرارًا. والضوء الذي انبثق من شمس شبوة اليوم، لا يضيء الشوارع فحسب، بل يضيء طريقًا طويلًا نحو دولة المعرفة، والطاقة النظيفة، والتنمية الشاملة.