النفط بين فائض المعروض وتحركات الصين الشرائية.. الأسواق تترقب القرار الحاسم

تعيش أسواق النفط العالمية حالة ترقب شديدة مع تصاعد الحديث عن احتمالات فائض المعروض، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الصين باعتبارها المستهلك الأكبر الذي قد يحدد مسار الأسعار في المرحلة المقبلة، فبينما يتوقع المحللون أن يشهد السوق ضخ كميات إضافية من الخام، يبقى السؤال الأبرز: هل ستواصل بكين شراء المزيد من البراميل لتعزيز مخزوناتها الاستراتيجية؟.
الصين في قلب المعادلة
216.73.216.139
خلال الأشهر الماضية، سارعت الصين إلى شراء ملايين البراميل من النفط الخام، حيث ضخت جزءاً كبيراً منها في احتياطياتها الاستراتيجية، ورغم تباطؤ وتيرة الشراء مؤخراً نتيجة ارتفاع الطلب المحلي، فإن التقديرات لا تزال تشير إلى إمكانية أن تلعب بكين دوراً محورياً في استيعاب الفائض العالمي، ووفقاً لبيانات منصة "أويل إكس" (OilX)، فإن صهاريج التخزين الصينية ممتلئة حالياً بنسبة تفوق 50%، ما يترك مجالاً واسعاً لعمليات تكديس جديدة قد تحد من تراجع الأسعار.
اجتماع أوبك+ والخيارات المطروحة
تزامناً مع هذه التطورات، يترقب المستثمرون اجتماع "أوبك+" المقرر عقده الأحد، وسط توقعات بأن تبحث السعودية وشركاؤها إعادة جزء من الإنتاج المتوقف إلى السوق، خطوة كهذه قد تزيد من الضغوط على الأسعار إذا لم تتدخل الصين بعمليات شراء ضخمة تمتص الزيادة.
المحللون في "إتش إس بي سي" (HSBC) أكدوا أن مستقبل الأسعار سيتوقف على مكان تراكم المخزونات، مشيرين إلى أن استمرار الصين في استيعاب الخام سيخفف من تداعيات الفائض على دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
مخزونات متفاوتة حول العالم
ورغم المخاوف من فائض مرتقب، تكشف البيانات عن مشهد متباين، ففي الولايات المتحدة، بقيت مخزونات "كوشينغ" بأوكلاهوما، المركز الأساسي لتسعير خام غرب تكساس الوسيط، عند أدنى مستوياتها الموسمية منذ سنوات، أما على المستوى العالمي، فقد سجلت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع المخزونات في الربع الثاني من العام بأسرع وتيرة منذ أزمة "كوفيد-19".
ويؤكد خبراء مثل فريدريك لاسير، رئيس قسم الأبحاث في "غونفور غروب" (Gunvor Group)، أن الصين قد تعود لشراء ما يقارب مليون برميل يومياً إذا انخفضت الأسعار بشكل ملحوظ، مشدداً على أن العامل الحاسم في الأسواق هو قرار بكين بشأن تخزين الخام.
طاقات تخزين وإنتاج متنامٍ
في المقابل، يشير تقرير "بنك أوف أميركا" (BofA) إلى أن هناك نحو مليار برميل من السعة الفارغة في صهاريج التخزين العالمية، ما قد يحول دون انهيار حاد في الأسعار حتى مع فائض المعروض، لكن في الوقت نفسه، يواصل الإنتاج الارتفاع في دول عدة؛ فقد اقترب إنتاج البرازيل من مستوى قياسي بلغ 4 ملايين برميل يومياً، بينما سجلت غيانا قفزة تاريخية إلى نحو مليون برميل يومياً، كما شهدت كندا زيادة غير مسبوقة في يوليو، في حين رفعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها للإنتاج خلال الأشهر الماضية.
السيناريوهات المقبلة
في ضوء هذه التطورات، تبقى كل السيناريوهات مفتوحة، إما أن تستمر الصين في امتصاص الفائض ما يحافظ على استقرار نسبي للأسعار، أو أن تتباطأ مشترياتها فتتجه السوق إلى تخمة حقيقية قد تدفع الأسعار إلى مستويات أدنى، وفي كلا الحالتين، يبدو أن قرار بكين المقبل سيكون العامل الأكثر تأثيراً على مسار سوق الطاقة العالمية في الفترة القادمة.