21 سبتمبر والنفق المظلم

منذ انقلاب 21سبتمبر 2014م دخلت اليمن بكل جهاتها ومكوناتها وفئات سكانها نفقاً مظلماً لم نتمكن حتى اليمن من تجاوزه أو حتى إدراك شعاع ضوء يدلنا على آخره، وفي كل يوم يستمر هذا الانقلاب جاثماً على صدور اليمن واليمنيين تزداد العتمة وتتوسع الأوجاع ويزداد الأمر تعقيداً وتتكاثر الضريبة المؤلمة التي يدفعها اليمنيون دون استثناء، وتشمل تدهور الحياة العامة بكل جوانبها اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، ناهيك عن شلال الدم الذي أغرقتنا به جماعة الحوثي الانقلابية منذ ذلك اليوم الأسود.
216.73.216.118
لقد مثّل انقلاب 21سبتمبر فاتحة لسلسة طويلة من الخيبات التي حالت بين اليمنيين وأحلامهم البسيطة في العيش الكريم والأمن والاستقرار، وخاصة أن هذا الانقلاب المشؤوم لم يكتفِ بتقويض الدولة ومؤسساتها، بل امتدت يده لتعبث بالنسيج الاجتماعي عبر استزراع الطائفية المقيتة، والتي تُعد مدخلاً مضموناً الى الكراهية والفرقة بين أبناء الوطن الواحد، كما عمل الانقلابيون طوال إحدى عشر عاماً على استبدال ثقافة التعايش بروح الإقصاء، وفتحوا الباب واسعاً لثقافة الموت على حساب الحياة، وللصوت الواحد على حساب التنوع والتعدد الذي عُرفت به اليمن عبر تاريخها الطويل.
إنسانياً أثقل انقلاب 21سبتمبر كاهل البلاد بسلسلة من الأزمات غير المسبوقة، وتفشت المجاعة في قرى ومدن بأكملها، وتحوّل ملايين اليمنيين إلى نازحين مشردين في وطنهم أو خارجه، فيما يقاسي آخرون ويلات القتل والنهب والاختطاف والتنكيل لمجرد اختلاف الرأي مع الجماعة الانقلابية، وكل يوم تتضاعف أرقام المآسي لتتحول اليمن إلى ساحة لأكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث تظهر آثارها في تفاصيل الحياة اليومية لليمنيين، وتتجلى مأساة الانقلاب باسوأ صورها عبر فقدان الأمن الغذائي وتدهور التعليم والصحة ومختلف الخدمات التي صادر الانقلابيون مؤسساتها ونهبوا إيراداتها وحولوها إلى ملكية خاصة للقادة والمشرفين دون بقية اليمنيين .
طوال إحدى عشر عاماً وجه الانقلابيون الحوثيون كل جهودهم لنظل حبيسي النفق المظلم الذي أدخلونا فيه كيمنيين دون استثناء منذ نكبة 21سبتمبر، وكلما لاحت فرص للتفاهم والتفاوض والحوار عملوا على إهدارها، وسلكوا طريق التصعيد وتحويل البلد الى ساحة تستخدمها قوى متصارعة لتصفية حساباتها، بينما لا ينال اليمن واليمنيين إلا خراب المواني والمطارات وقتل وترويع الآمنين، واستحلال السيادة الوطنية وزيادة الكلفة الإنسانية، وهي جرائم يتحمل الانقلابيون الحوثيون وزرها أخلاقياً وقانونياً، ولابد من محاسبتهم عليها طال الزمان او قصُر.
ولعل الأسوا من كل ذلك أن هذا الانقلاب صادر إرادة اليمنيين وحقهم في بناء دولتهم الحديثة، وكل يوم يسعى لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، مكبّلاً البلاد بمشروع ظلامي يتناقض مع قيم الجمهورية والديمقراطية والحرية، وهذا ما يضع اليمنيين أمام طريق اجباري واحد منهجه القويم المضي قدماً في مسار النضال لاستعادة الدولة اليمنية، واسقاط ما تبقى من الانقلاب أشخاصاً وأدواتاً ومشروعاً ظلامياً لايقبله عقل ولانقل .
دمتم سالمين ..