ندوة حقوقية في جنيف: الحرب الحوثية الإيرانية تسرق مستقبل اليمن وتُفكيك الدولة من جذورها

أكدت ندوة حقوقية دولية عُقدت في مقر مجلس حقوق الإنسان بمدينة جنيف السويسرية، أن الحرب التي تشنها مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني لا تقتصر على تدمير الحاضر اليمني فحسب، بل تمتد لتسرق مستقبل الأجيال عبر تفكيك مؤسسات الدولة، وتقويض رأس المال البشري، وتحويل مقومات التنمية إلى أدوات للحرب والانقسام.
216.73.216.22
جاء ذلك خلال فعالية نظّمها "ملتقى التنمية للحوار وحقوق الإنسان"، على هامش أعمال الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين والناشطين الحقوقيين، الذين حذّروا من أن استمرار سياسات المليشيات الحوثية الممنهجة يُهدّد بانهيار كامل للنسيج الاجتماعي والاقتصادي في اليمن، ويُفقِد البلاد أي فرصة حقيقية لتحقيق تنمية مستدامة.
التنمية حقٌّ أساسي لا ترفًا
وشدّد المشاركون على أن "الحق في التنمية ليس ترفًا"، بل هو حقٌّ إنساني أساسي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتعليم، والصحة، والاقتصاد، وسيادة القانون. ولفتوا إلى أن استهداف مليشيات الحوثي لهذا الحق، من خلال تدمير البنية التحتية، وتعطيل الخدمات الأساسية، وفرض أجندات طائفية، يُعدّ في جوهره استهدافًا مباشرًا لمستقبل اليمن ككل.
وأشارت الندوة إلى أن الانقلاب الحوثي على الدولة في 2014 شكّل نقطة تحوّل كارثية في مسار اليمن، إذ أدّى إلى انهيار مؤسسات الدولة الوطنية، وتفكيك منظومات الحكم الرشيد، وتحويل موارد البلاد إلى وقودٍ للاقتصاد الحربي، ما أدى إلى تدهور غير مسبوق في مؤشرات التنمية البشرية.
مسؤولية مباشرة عن إعاقة التنمية
وحملت الندوة مليشيات الحوثي المسؤولية الكاملة عن تعطيل عجلة التنمية في اليمن، داعية إلى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة بناء الدولة، واستعادة مؤسساتها الشرعية من قبضة الجماعة، وإنهاء اقتصاد الحرب الذي يستفيد منه قادة المليشيات على حساب ملايين اليمنيين.
كما دعت الندوة إلى تمكين المرأة اليمنية من المشاركة الفاعلة في الحياة العامة، وإشراكها في عمليات صنع القرار ومفاوضات السلام، باعتبارها شريكًا أساسيًا في بناء السلام والتنمية. وشدّدت على أهمية دعم العملية التعليمية عبر صرف رواتب المعلمين، وتعزيز التعليم البديل، وإصلاح المناهج الدراسية التي تم تحويرها لخدمة أجندات الجماعة.
ثلاث أوراق عمل تكشف أدوات الحرب الحوثية ضد التنمية
وقدمت الندوة ثلاث أوراق عمل متخصصة كشفت عن الآليات التي تستخدمها المليشيات الحوثية لتعطيل التنمية:
-
الورقة الأولى ركّزت على "تحويل التعليم إلى أداة حرب"، مشيرة إلى أن المليشيات حوّلت المدارس إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة، واستبدلت الكوادر التعليمية المؤهلة بعناصر موالية لها، ما أنتج جيلاً مؤدلجًا يفتقر إلى المهارات العلمية والفكر النقدي، ويُشكّل تهديدًا مباشرًا للسلم الاجتماعي والتعايش المجتمعي.
-
الورقة الثانية تطرّقت إلى "استخدام الأراضي الزراعية كحقول ألغام"، حيث كشفت أن المليشيات زرعت آلاف الألغام في مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، ما يُعيق عودة النازحين، ويُهدّد الأمن الغذائي، ويُعقّد جهود إعادة الإعمار والتنمية الريفية.
-
الورقة الثالثة سلّطت الضوء على "الاستراتيجية الحوثية الممنهجة لتعطيل التنمية منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة"، موضحة كيف عملت الجماعة على تفكيك المنظومات الاقتصادية والإدارية، وتحويل الموارد العامة إلى قنوات تمويل خاصة، وفرض سياسات طائفية تُهمّش مكونات المجتمع المختلفة، ما أدى إلى تدمير شامل لمقومات التنمية.
نزع الألغام أولوية وطنية
وفي ختام أعمالها، شدّدت الندوة على أن "نزع الألغام التي زرعتها المليشيات الحوثية" يُعدّ أولوية وطنية قصوى، لا فقط لحماية الأرواح، بل لتمكين عودة النازحين، وإحياء القطاعات الاقتصادية، وفتح الطرق أمام المشاريع التنموية. ودعت المجتمع الدولي إلى دعم الجهود اليمنية في هذا المجال، ومحاسبة الجماعة على جرائمها ضد الإنسانية.
وأكدت الندوة أن أي رؤية مستقبلية لليمن يجب أن تبدأ باستعادة الدولة، وتحقيق العدالة، وجبر الضرر عبر توثيق الانتهاكات وضمان حقوق الضحايا، باعتبار ذلك الأساس الوحيد لأي استقرار حقيقي وتنمية مستدامة.