دراسة جديدة.. التوحد ليس اضطرابًا موحدًا بل طيف من الحالات ذات الجذور الجينية المتنوعة

كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Nature وأوردها موقع Medscape، أن اضطراب طيف التوحد ليس حالة موحدة كما كان يُعتقد سابقًا، بل هو مجموعة من الاضطرابات المختلفة في الجذور الوراثية والنمو العصبي، وتتباين بشكل واضح حسب توقيت تشخيص الحالة.
216.73.216.22
ووفقًا لفريق البحث في جامعة كامبريدج، فإن توقيت اكتشاف التوحد (مبكرًا أو متأخرًا) لا يعكس فقط شدة الأعراض، بل يكشف أيضًا عن مسارات تطور متميزة وبصمة جينية مختلفة لكل فئة.
الفروقات بين التوحد المبكر والمتأخر
حللت الدراسة بيانات آلاف الأشخاص المصابين بالتوحد حول العالم، ووجدت أن:
-
التشخيص المبكر (قبل سن 7 سنوات):
هؤلاء الأطفال عادةً ما يعانون من تأخر لغوي وحركي واضح، بالإضافة إلى صعوبات معرفية وسلوكية كبيرة.
وترتبط حالتهم غالبًا بطفرات جينية نادرة ذات تأثير كبير على نمو الدماغ. -
التشخيص المتأخر (بعد الطفولة المبكرة):
هذه الفئة أقل عرضة للتأخر في النمو المبكر، ولكنها أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب وفرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، مما يشير إلى تأثير العوامل الاجتماعية والبيئية إلى جانب الوراثية.
اختلافات جينية توضح طبيعة التوحد
واحدة من أبرز نتائج الدراسة هي أن الأطفال الذين شُخِّصوا مبكرًا بالتوحد يمتلكون طفرات نادرة في جينات مسؤولة عن تطور الدماغ والمخ.
أما الأطفال الذين شُخِّصوا لاحقًا، فقد أظهروا أنماطًا جينية ترتبط بقدرات معرفية مرتفعة، إلى جانب صلة باضطرابات المزاج مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.
ويعتقد الباحثون أن العمر عند التشخيص نفسه قد يكون عاملًا جينيًا، وليس فقط انعكاسًا للفروقات السلوكية أو جودة الرعاية الطبية.
نحو تصنيف أكثر دقة للتوحد
أوضح الدكتور فارون واريير، قائد الفريق البحثي، أن هذه النتائج تساهم في تغيير طريقة فهم وتصنيف التوحد، مما يُمكّن الأطباء من:
-
تطوير استراتيجيات تشخيص أكثر تخصيصًا.
-
تقديم تدخلات مبكرة مناسبة للحالات الشديدة.
-
توفير دعم نفسي واجتماعي للحالات ذات الظهور المتأخر.
وأضافت العالمة أوتا فريث، أستاذة التطور المعرفي، أن التوحد "ليس اضطرابًا واحدًا بل مجموعة من الحالات العصبية المختلفة، لكل منها نمطها الفريد من الأعراض والتطور".
الثقافة والرعاية تؤثر على التشخيص
رغم أهمية الاكتشافات الجينية، شدد الباحثون على أن العوامل الثقافية، جودة الرعاية الصحية، والبيئة الأسرية لها دور كبير في توقيت ودقة تشخيص التوحد.
ودعوا إلى إجراء أبحاث إضافية على عينات أكثر تنوعًا جغرافيًا وثقافيًا لتعزيز النتائج الحالية وفهم العلاقة بين الجينات والسلوك بشكل أشمل.
الاعتراف بالتنوع داخل طيف التوحد هو المفتاح
في ختام الدراسة، دعا الباحثون إلى إعادة تعريف التوحد من كونه اضطرابًا موحدًا إلى كونه طيفًا متنوعًا من الحالات العصبية، مؤكدين أن الاعتراف بهذا التنوع يمثل الخطوة الأولى نحو تشخيص وعلاج أكثر دقة وإنسانية.