كيف يستخدم الحوثي وكالات الإغاثة كـ”غطاء” لتمويل قياداته وتجاوز تصنيفه الإرهابي؟

اتهم الدبلوماسي اليمني السابق الدكتور مصطفى ناجي، جماعة الحوثي المسلحة باتّباع ما وصفه بـ"سياسة الضغط الأقصى بنسختها الحوثية"، مشيرًا إلى أن الجماعة تستنسخ أسلوب إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب في التعامل مع إيران، لكن هذه المرة توجّهه ضد منظمات الأمم المتحدة العاملة في مناطق سيطرتها.
وقال ناجي في تصريحات خاصة إن الحوثيين لا يرغبون في وجود وكالات الأمم المتحدة في مناطق نفوذهم بدافع إنساني أو لدعم المدنيين، بل لأن هذه المؤسسات الدولية أصبحت "البيضة الذهبية" التي تمول الجماعة بالعملة الصعبة، وتوفر لقياداتها امتيازات تشمل السفر، والدعم الفني، بل وحتى الرعاية الطبية، رغم تصنيف الجماعة رسميًّا كمنظمة إرهابية من قبل عدد من الدول والهيئات الدولية.
وأوضح أن الجماعة تستغل الوضع الإنساني المتردّي في اليمن كورقة ضغط دائمة، حيث تفرض قيودًا على عمل المنظمات الأممية، وتُخضع موظفيها — خصوصًا المحليين — لمراقبة مشددة، بل وتحتجز العشرات منهم كرهائن ضمن مساومات سياسية ومالية.
وأشار ناجي إلى أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قيادات بارزة في الصف الأول للحوثيين كشفت هشاشة البنية الأمنية للجماعة، ما دفعها إلى اتّهام موظفين دوليين بالتجسس، في محاولة لخلق ذرائع جديدة لتبرير ممارساتها الانتقامية وزيادة الضغط على الأمم المتحدة.
وكشف الدبلوماسي اليمني، نقلاً عن ناشطين محليين، أن الجماعة وضعت شروطًا تعجيزية للإفراج عن أكثر من 50 موظفًا محتجزًا، من بينها تعيين عناصر موالية لها داخل هيكل المنظمات الدولية، وإعادة صياغة الاتفاقيات السابقة بما يمنحها صلاحيات رقابية واسعة، في خطوة تهدف — بحسب ناجي — إلى تغيير مركزها القانوني والسيادي، والالتفاف على تداعيات تصنيفها ككيان إرهابي.
وأكد ناجي أن الهدف الحقيقي وراء هذه الممارسات لا يقتصر على التحكم في المساعدات أو فرض شروط تشغيلية، بل يتعدّى ذلك إلى "إذلال الأمم المتحدة" وإجبارها على تقديم اعتراف غير مباشر بشرعية الجماعة، عبر الخضوع لمطالبها تحت ذريعة الحفاظ على العمليات الإنسانية.
وانتقد ناجي ما وصفه بـ"التفكير الميكانيكي" الذي يسيطر على تعامل الأمم المتحدة مع الحوثيين، محذرًا من أن هذا النهج قد يؤدي إلى التفريط في المبادئ الأساسية للعمل الإنساني الدولي، والانزلاق إلى دائرة الرضوخ للابتزاز السياسي.
وختم دبلوماسي اليمن السابق تصريحاته بالتنبيه إلى أن الضحايا الحقيقيين في هذا الصراع الخفي هم الموظفون اليمنيون المحليون، الذين يعملون في الخطوط الأمامية لتقديم المساعدات، لكنهم يفتقرون لأي غطاء حماية حقيقي من قبل الجهات الدولية التي يعملون لصالحها. وحذّر من أن استمرار الصمت الدولي حيال هذه الممارسات سيدفع الجماعة إلى توسيع دائرة الاحتجاز والابتزاز، ما يهدد بانهيار كامل للعمل الإنساني في مناطق سيطرتها.