الأربعاء 5 نوفمبر 2025 08:05 مـ 15 جمادى أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

عقب مأساة أبين.. دعوة صادمة لتحويل المصفحات العسكرية إلى سيارات إسعاف: ”واجب أخلاقي” يصعق الساحة اليمنية

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 08:46 مـ 15 جمادى أول 1447 هـ
آثار الحادث
آثار الحادث

في مشهد يعكس حجم المأساة الإنسانية والفراغ الأمني والخدمي الذي يعيشه اليمن، انفجر غضب الشارع اليمني عقب حادثة مروعة راحت ضحيتها أرواح بريئة، لتطلق على إثرها دعوة غير مسبوقة من السياسي والقيادي الوطني عادل الشبحي، دعا فيها إلى تحويل جزء من الأطقم العسكرية والمصفحات المنتشرة بكثافة في المدن إلى سيارات إسعاف، واصفاً الخطوة بأنها "الواجب الأخلاقي قبل أن تكون حلاً عملياً".

سياق المأساة: ساعات من العجز أمام النيران

جاءت دعوة الشبحي الصادمة كرد فعل مباشر على حادثة احتراق باص نقل جماعي على الطريق الدولي في محافظة أبين، التي التهمت النيران أجساد ركابه لساعات طويلة.

وفي ظل غياب تام ومخيف لسيارات الإطفاء والإسعاف، بقي الركاب عُرضة للموت المحقق دون أي وسيلة للإنقاذ، في مشهد سجلته كاميرات الهواتف النقالة وبثّ حالة من الحزن والأسى والغضب في أنحاء البلاد.

استمر الحريق لساعات، ليس فقط بسبب نقص المعدات، بل بسبب غياب أي استجابة عاجلة من الجهات المعنية، ما حول المكان إلى مسرح للمأساة الإنسانية التي كشفت عن هشاشة البنية التحتية للخدمات الطارئة.

تصريحات الشبحي: نبرة استنكار وسؤال يطال كل مسؤول

في تصريحٍ حادٍ حمل نبرة من الاستنكار والغضب، لم يكتفِ الشبحي بإدانة التقصير، بل ذهب أبعد من ذلك ليطرح حلولاً جذرية تلامس جوهر الأزمة.

قال: "بعد حادثة اليوم واحتراق باص في أبين لساعات والركاب ينتظرون النار والحريق والموت دون قدرتهم على فعل أي شيء، هل نبادر كمسؤولين وقادة إلى تحويل جزء من الأطقم والمصفحات المحيطة بالأفراد إلى سيارات إسعاف للمستشفيات؟"

وأشار الشبحي إلى التباين الصارخ والمؤلم بين واقع الخدمات المتردي والانتشار الكثيف للمركبات العسكرية في الشوارع، مضيفاً بمرارة: "حيث لا تتوفر لدينا سيارات إسعاف وإطفاء، بينما تزدحم الشوارع بالمصفحات!"

ولم تقتصر انتقاداته على الوضع العام، بل وجّه سؤالاً لاذعاً ومباشراً لكل مسؤول ينعم بموكب أمني مهيب، متسائلاً: "كيف لمسؤول أو قائد أن يفرح ويشعر بالزهو والنشوة وهو بموكبه الطوييييييل المكون من الأطقم والمصفحات، حينما يمر بجوار مستشفيات لا تُوجد فيها أي سيارة إسعاف، ويمر على أحياء ومدن ليس فيها سيارة إطفاء واحدة؟" هذا السؤال فتح باب النقاش على مصراعيه حول أولويات الدولة وازدواجية معايير المسؤولين.

صدى واسع وتفاعل شعبي: من دعوة إلى قرار عاجل

أثارت تصريحات الشبحي تفاعلاً واسعاً على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تحولت إلى هاشتاغات تداولها نشطون وصحفيون ومواطنون، طالبوا فيها بتحويل الدعوة إلى قرار عاجل وتنفيذ فوري.

ورأى الكثيرون في كلماته تعبيراً صادقاً عن معاناتهم اليومية، خاصة في ظل تكرار حوادث الطرق المأساوية، وضعف البنية التحتية للخدمات الطارئة في المحافظات المحررة التي تشهد هدوءاً نسبياً مقارنة بمناطق النزاع.

أرقام كارثية تؤكد حجم الكارثة

وتأتي دعوة الشبحي في وقت تشير فيه تقارير محلية إلى أرقام كارثية تؤكد حجم الأزمة. فبحسب هذه التقارير، يعاني أكثر من 70% من مراكز الإسعاف في جنوب اليمن من نقص حاد في المعدات الأساسية وسيارات النقل الطبي.

وفي غياب الخدمات الحكومية، يعتمد السكان في كثير من الأحيان على سياراتهم الخاصة أو حتى عربات النقل البسيطة لنقل المصابين والمرضى في حالات الطوارئ، وهو ما يزيد من خطورة الإصابات ويرفع من حصيلة الوفيات.

تداعيات محتملة: اختبار للسلطات ومحطة للغضب الشعبي

تُعتبر دعوة الشبحي بمثابة اختبار حقيقي لجدية السلطات المحلية والتحالفات القائمة في المحافظات المحررة، وقد تكون محطة مفصلية إما لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد عبر اتخاذ إجراءات عملية وملموسة، أو لمواجهة مزيد من الاحتقان إذا تم تجاهلها.

فالتحدي الآن ليس فقط في توفير سيارات الإسعاف، بل في إعادة ترتيب الأولويات الوطنية لوضع حياة المواطن فوق كل اعتبار، وهو ما يبدو أنه الرسالة الأساسية التي أراد الشبحي إيصالها بصوت عالٍ واضح لا لبس فيه.