جثة فتاة تُدفن في مارب وسط غموض قضائي.. هل تم طمس الحقيقة قبل إصدار الحكم؟
في تطور لافت يضاعف من تعقيدات قضية أثارت الرأي العام، كشفت مصادر مطلعة عن دفن جثة تحمل اسم "أمل العصار" في مقابر محافظة مارب، وسط جثث أخرى مجهولة الهوية.
والأمر الذي أثار موجة من الاستياء والجدل هو أن هذا الإجراء تم بينما لا يزال ملف القضية مفتوحاً رسمياً أمام النيابة العامة، ولم يصدر أي قرار قضائي نهائي بشأنه، مما يطرح علامات استفهام كبرى حول شرعية الإجراء ودوافعه.
فصل أول: غموض يكتنف عملية الدفن.. أسئلة محيرة في وجه العدالة
في قلب الصدمة، تكمن تفاصيل عملية الدفن نفسها.
فوفقاً للمعلومات المتداولة، دُفنت الجثة ضمن مجموعة تضم 15 شخصاً آخرين وُصفت بـ"المجهولة الهوية"، في خطوة تبدو متناقضة مع حقيقة أن الجثة تحمل اسماً معروفاً ومرتبطاً بتحقيق جنائي نشط.
هذا التناقض فتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات الملحة التي تطارد الجهات المعنية:
- كيف سُمح بإتمام دفن جثة مرتبطة بقضية لم تُحسم بعد؟ الإجراءات القانونية المتبعة تقتضي الحفاظ على الأدلة، والجثة هي الدليل المادي الأهم في مثل هذه القضايا.
- لماذا تم تجاهل الأطراف المعنية؟ لم يتم إبلاغ أهل الضحية، إن وجدوا، ولا محاميها، ولا حتى النيابة العامة التي تدير التحقيق، وهو ما يمثل خرقاً واضحاً لأبسط قواعد الإجراءات.
- هل كان الدفن المتسرع محاولة لحسم الملف؟ يتساءل مراقبون عما إذا كان هذا الإجراء يهدف إلى إغلاق الملف بشكل فعلي على أرض الواقع، قبل أن تتمكن أي ضغوط إعلامية أو حقوقية من إعادة فتحه.
وقد أبدت مصادر قانونية انزعاجها الشديد من هذا "التعسف في الإجراءات"، مؤكدة أن دفن جثة ضمن قضية جنائية منظورة لا يمكن أن يتم إلا بأمر قضائي واضح أو على الأقل بإعلام رسمي للنيابة العامة، وهو ما لم يحدث في هذه الواقعة الغامضة.
فصل ثان: زخم إعلامي وضغط اجتماعي.. هل دفعا إلى "حسم" القضية؟
يأتي هذا التطور المثير للجدل في توقيت حساس، حيث شهدت قضية "أمل العصار" في الأسابيع الماضية تجدداً لافتاً على منصات التواصل الاجتماعي. تداول نشطاء وحقوقيون تفاصيل القضية، وأطلقوا حملات تطالب بكشف الملابسات الكاملة للقضية ومحاسبة المسؤولين.
هذا الزخم الإعلامي المتصاعد دفع البعض إلى التكهن بأن عملية الدفن قد تكون رداً مباشراً على هذا الضغط، في محاولة يائسة لـ"طمس الأدلة المادية" وإغلاق الباب أمام أي تحقيقات مستقبلية قد تعيد فتح الملف. فبدون الجثة، يصبح التحقق من هوية الضحية، أو سبب الوفاة، أو وجود أي آثار أخرى أمراً شبه مستحيل.
فصل ثالث: مطالبات بتشكيل لجنة تحقيق فورية.. "دفن الجثة لا يعني دفن الحقيقة"
رداً على هذه التطورات الخطيرة، تصاعدت الأصوات الحقوقية والقانونية مطالبةً بتحرك فوري وحاسم. تجمعت هذه المطالبات في عدة نقاط أساسية:
- تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة للوقوف على حقيقة هوية الجثة المدفونة، والتأكد مما إذا كانت هي بالفعل "أمل العصار".
- التحقيق في الإجراءات المتبعة في عملية الدفن، وتحديد الجهة التي أصدرت الأمر بذلك، وكيف تم تجاوز القانون.
- ضمان عدم ربط ملف القضية الأصلي بواقعة الدفن، والمطالبة باستمرار النيابة العامة في نظرها في قضية "أمل العصار" كقضية منفصلة.
ويؤكد حقوقيون في هذا السياق على مبدأ جوهري: "دفن الجثة لا يعني دفن الحقيقة". ويشددون على أن العدالة الحقيقية لا تُقاس بسرعة الجنازات، بل بمدى الشفافية والمساءلة، وأن أي محاولة لطمس الحقائق ستواجه بتصاعد في المطالبات الشعبية.
صوت نسائي يطالب بالعدالة.. "أمل ليست مجرد رقم"
في ظل كون القضية تتمحور حول امرأة، وهي فئة غالباً ما تواجه تهميشاً في قضايا العنف والجرائم الصامتة، برزت دعوات نسوية قوية ومؤثرة. حملت هذه الدعوات شعاراً واضحاً: "أمل العصار ليست مجرد رقم في سجل الموتى، بل هي قضية إنسانية تستحق الحقيقة والعدالة الكاملة".
هذه الأصوات النسائية تضيف بعداً جديداً للقضية، محولة إياها من مجرد قضية جنائية غامضة إلى رمز للنضال من أجل إنصاف ضحايا العنف، والتأكيد على أن حياة كل امرأة لها قيمة، وأن موتها الغامض لا يمكن أن يمر دون محاسبة.













