المشهد اليمني

تحييد مسيّرة فوق القصر الرئاسي في بولندا .. تصاعد التوتر مع روسيا وقلق أوروبي من مواجهة عسكرية

الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 01:22 مـ 24 ربيع أول 1447 هـ
القصر الرئاسي في بولندا
القصر الرئاسي في بولندا

شهدت العاصمة البولندية وارسو حادثًا أمنيًا جديدًا أثار قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية والعسكرية، بعدما أعلنت قوات الحماية الرئاسية عن تحييد طائرة مسيّرة كانت تحلّق فوق القصر الرئاسي وقصر بلفيدير، في واقعة تعكس استمرار التوتر المتصاعد بين بولندا وروسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا.

تفاصيل الواقعة

وأوضح رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن الطائرة المسيّرة رُصدت وهي تحلق في مناطق حساسة تضم مبانٍ حكومية وقصورًا رئاسية، ليتم التعامل معها على الفور ومنعها من استكمال مسارها، وأضاف أن الشرطة البولندية ألقت القبض على مواطنين بيلاروسيين يُشتبه بتورطهما في الحادثة، مؤكداً أن التحقيقات لا تزال جارية لمعرفة خلفيات الواقعة.

وأكدت مصادر أمنية أن العملية لم تتطلب استخدام الذخيرة أو إطلاق النار، إذ جرى اعتراض المسيّرة وإعادتها إلى نقطة انطلاقها في وضع الطوارئ، قبل توقيف مطلقيها، فيما رجّحت وزيرة السياسات الإقليمية كاتارزينا بيلتشينسكا-نالينتش أن تشهد بولندا استفزازات مماثلة في المستقبل القريب، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.

خلفية التصعيد الجوي

ويأتي هذا التطور بعد أيام قليلة من خرق خطير للأجواء البولندية، حين دخلت 19 طائرة مسيّرة روسية المجال الجوي للبلاد، ما أجبر السلطات على إغلاق مطارات رئيسية مثل وارسو ولوبلين ورشوف، وقد شاركت مقاتلات تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى جانب الطائرات البولندية في التصدي للهجوم، وأسقطت أربع مسيّرات في أول عملية دفاعية من نوعها فوق أراضي الحلف منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

وأسفر الهجوم الروسي السابق عن أضرار مباشرة في منازل مدنية، إلى جانب استهداف قاعدة عسكرية تابعة لقوات الدفاع الإقليمي البولندية، فيما أشارت تقارير إعلامية ألمانية إلى أن بعض الطائرات المسيّرة الروسية كانت في مسار مباشر نحو قاعدة عسكرية للناتو تُستخدم لإمداد أوكرانيا.

القلق الأوروبي ومخاطر المواجهة

وحذّر رئيس الوزراء البولندي من أن "أوروبا أصبحت اليوم أقرب من أي وقت منذ الحرب العالمية الثانية إلى مواجهة عسكرية واسعة"، مشدداً على أن الدعم السياسي وحده لا يكفي لردع روسيا، وأن بلاده ستطالب بتعزيزات إضافية من الحلفاء.

وفي السياق نفسه، أعلنت عدة دول أوروبية عن إرسال تعزيزات عسكرية لدعم بولندا في حماية مجالها الجوي.

  • الدنمارك ستشارك بمقاتلات إف-16 وسفينة حربية.
  • فرنسا سترسل ثلاث طائرات رافال.
  • ألمانيا ستعزز المجهود بأربع مقاتلات يوروفايتر.
  • بريطانيا أكدت نشر مقاتلات تايفون وطائرة للتزود بالوقود ضمن مهمة "الحارس الشرقي" لتأمين أجواء الناتو.

رسائل الناتو وردع روسيا

وشدد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على أن نشر القوات الجوية ليس مجرد استعراض قوة، بل خطوة عملية تهدف إلى ردع العدوان الروسي وحماية الأمن القومي الأوروبي، من جانبه، أوضح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي أن الطائرات المشاركة ستشكل عنصر ردع حاسم، وتؤكد استعداد الناتو للدفاع عن أراضيه عند الضرورة.

ولفتت التقارير الأوروبية إلى أن هذه الحادثة تأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات الروسية للأجواء الشرقية للناتو، حيث سُجلت خروقات مشابهة في كل من ليتوانيا ولاتفيا ورومانيا، وهو ما دفع الحلف إلى تحريك مزيد من القوات والمقاتلات لتعزيز جناحه الشرقي.

المشهد الأخير

تُظهر التطورات الأخيرة أن المجال الجوي لبولندا أصبح ساحة ساخنة للصراع غير المباشر بين الناتو وروسيا، وأن الحوادث المتكررة للمسيّرات قد تتحول إلى شرارة مواجهة عسكرية أوسع في القارة الأوروبية، وبينما تواصل بولندا وحلفاؤها الاستعدادات الدفاعية، يبقى التساؤل قائمًا حول مدى قدرة الدبلوماسية على منع انزلاق الأزمة إلى حرب مفتوحة.