مصر تصدر شحنة نادرة من الغاز المسال إلى أوروبا بقيمة ضخمة

في خطوة تعكس تعافي قطاع الطاقة المصري وجذب الاستثمارات الأجنبية، صدّرت مصر شحنة نادرة من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، تُقدّر بحوالي 3.75 مليار قدم مكعب، عبر شركتي شل وبتروناس، باستخدام محطة إدكو للإسالة، أحد أبرز مراكز التصدير في البلاد.
وتأتي هذه الشحنة في إطار خطة تحفيزية أقرتها الحكومة المصرية في أغسطس 2024، تسمح للشركات الأجنبية بتصدير جزء من حصصها من الإنتاج الجديد، بشرط استخدام عوائد التصدير في تسديد المستحقات المتأخرة، مع رفع سعر بيع حصتها من الغاز، ما يُعدّ حافزًا مباشرًا لزيادة الاستثمارات في عمليات البحث والاستكشاف.
وأوضح مسؤول حكومي أن شركة "شل" كانت تحصل على نحو 250 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز لمدة 15 يومًا لتعبئة وتجهيز هذه الشحنة، فيما يُتوقع وصول شحنة ثانية خلال أكتوبر الجاري، في مؤشر على استمرارية هذه الآلية التصديرية.
شراكة استراتيجية في محطة إدكو
-
شل وبتروناس: تمتلكان 71% مناصفة.
-
الحكومة المصرية (هيئة البترول وإيجاس): تمتلك 24%.
-
شركة إنجي الفرنسية: تمتلك 5% المتبقية.
العودة كمُصدّر صافٍ
توقع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن تستعيد مصر مكانتها كمُصدّر صافٍ للغاز الطبيعي بحلول عام 2027، مع ارتفاع الإنتاج اليومي إلى 6.6 مليار قدم مكعب، مقارنة بـ4.1 مليار قدم مكعب حاليًا2.
ويأتي هذا التفاؤل في ظل بدء تسديد المتأخرات للشركات الأجنبية، ما أدى إلى استئناف عمليات الحفر وزيادة الإنتاج تدريجيًا، بعد فترة من التراجع بسبب أزمة الدولار التي أثرت على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية.
يمثل تصدير هذه الشحنة النادرة من الغاز المسال نقطة تحول في مسار قطاع الطاقة المصري، ويعكس قدرة الدولة على تعظيم الاستفادة من بنيتها التحتية، واستعادة ثقة المستثمرين الدوليين. وبينما تتجه مصر نحو تعزيز صادراتها، تبرز هذه الخطوة كإشارة واضحة إلى أن الاقتصاد المصري يسير بخطى ثابتة نحو التعافي، وتحقيق الأمن الطاقي والمالي.
مصر تستعيد مكانتها في سوق الطاقة العالمي
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور هشام عبد الغني أن تصدير مصر لهذه الشحنة النادرة من الغاز المسال إلى أوروبا يعكس بداية تعافٍ حقيقي في قطاع الطاقة المصري، خاصة بعد سنوات من التراجع بسبب أزمة الدولار وتأخر سداد مستحقات الشركات الأجنبية.
ويضيف أن هذه الخطوة تعزز ثقة المستثمرين الدوليين في قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها، وتفتح الباب أمام توسع جديد في عمليات البحث والاستكشاف، خاصة في البحر المتوسط والدلتا.
كما أشار إلى أن توقيت الشحنة يحمل دلالة استراتيجية، إذ تأتي في ظل أزمة طاقة أوروبية متجددة بسبب تقلبات الإمدادات الروسية، وارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال كمصدر بديل، ما يمنح مصر ميزة تنافسية في السوق الأوروبية.
الغاز المصري في قلب المعادلة الأوروبية
في ظل سعي أوروبا لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، تبرز مصر كـشريك موثوق وقادر على توفير إمدادات مستقرة عبر بنيتها التحتية المتطورة، خاصة محطتي إدكو ودمياط.
وتسعى القاهرة إلى تعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة، من خلال اتفاقيات تصدير مع دول الاتحاد الأوروبي، وتوسيع شبكة الربط مع دول شرق المتوسط، بما في ذلك قبرص واليونان.
يمثل تصدير هذه الشحنة من الغاز المسال خطوة استراتيجية في طريق مصر نحو استعادة مكانتها كمصدر رئيسي للطاقة في المنطقة، ويعكس نجاح السياسات الحكومية في إعادة هيكلة القطاع، وتحفيز الشركات الأجنبية على ضخ استثمارات جديدة. وبينما تتجه أوروبا نحو مصادر بديلة، تبرز مصر كلاعب محوري في رسم خريطة الطاقة الجديدة، مدفوعة بثقة دولية متزايدة، وبنية تحتية قوية، ورؤية اقتصادية واضحة.
أقراأيضا:مصر تثبت أسعار الأسمدة لحماية المزارعين من قفزة الغذاء | المشهد اليمني