خطة شيطانية .. كيف تسعى إسرائيل لتوزيع مساعدات مشروطة عبر شركات أمريكية في غزة

انتقادات حادة وتحذيرات من تسييس العمل الإنساني في غزة .. أثارت الخطة الإسرائيلية الأخيرة لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة عبر شركتين أمنيتين أمريكيتين، تحت حماية جيش الاحتلال، عاصفة من الغضب والرفض على المستويين المحلي والدولي، فقد اعتبر مراقبون وحقوقيون أن الخطة لا تمثل فقط تسييسًا واضحًا للعمل الإغاثي، بل تشكّل انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وتكريسًا لحصار ممنهج يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
أزمة إنسانية خانقة في ظل الحصار الإسرائيلي
تأتي هذه الخطوة في وقت يواجه فيه سكان قطاع غزة خطر المجاعة الحقيقية، حيث يعاني 91% من السكان من انعدام الأمن الغذائي، حسب بيان رسمي صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، وقد تفاقمت الأزمة بشكل غير مسبوق بعد إغلاق الاحتلال لجميع المعابر، ومنع دخول المساعدات الغذائية والطبية لأكثر من 60 يومًا، بالتوازي مع استئناف العدوان العسكري على غزة، ما فاقم من تدهور الأوضاع المعيشية والصحية.
خطة مثيرة للجدل: شركات أمنية بدلًا من المؤسسات الإنسانية
وبحسب صحيفة جيروزاليم بوست، فإن شركتين أمريكيتين هما “سيف ريتش سوليوشنز” و”يو جي سوليوشنز” ستتوليان تنفيذ خطة توزيع المساعدات. الشركتان ترتبطان بخلفيات استخباراتية وعسكرية، ويُتوقع أن تشرعا في مهامهما حالما تعيد إسرائيل فتح المعابر. وقد أشرفتا في يناير الماضي، بالتنسيق مع مصر، على فحص المركبات التي سعت للعبور من جنوب القطاع إلى شماله خلال هدنة مؤقتة.
ووفقًا لموقع والاه العبري، فإن الخطة تقضي بتوزيع المساعدات في "مناطق إنسانية" تنوي إسرائيل إقامتها جنوب القطاع، تحت إشراف شركات خاصة وصندوق دولي. غير أن هذه الآلية تخضع لمراقبة إسرائيلية مشددة تهدف -وفق زعم الاحتلال- لمنع وصول المساعدات إلى حركة حماس.
مخاوف فلسطينية ودولية من توظيف المساعدات سياسيًا
أجمعت الجهات الفلسطينية الرسمية والشعبية على رفض الخطة، ووصفتها بأنها أداة للابتزاز السياسي وتحايل على القانون الدولي. حركة حماس حذّرت في بيان لها من أن الخطة تمثل تنصلًا من التزامات الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف، ووسيلة لإدامة سياسة التجويع والتشتيت، مطالبة بموقف دولي وعربي حازم يرفض هذه الهيمنة على العمل الإنساني.
وأكدت الحركة أن الجهات الدولية والحكومية وحدها مخوّلة بإدارة وتوزيع المساعدات، وليس جيش الاحتلال أو الشركات التابعة له، محملة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تفاقم الأزمة الإنسانية وظهور المجاعة.
الأمم المتحدة ترفض التعاون وتلوّح بعواقب كارثية
في تحرك غير مسبوق، أعلنت الأمم المتحدة وجميع وكالاتها العاملة في غزة، رفضها التام للتعاون مع الخطة الإسرائيلية، مؤكدة أن الآلية المقترحة تتنافى مع المبادئ الأساسية للعمل الإنساني من حياد ونزاهة واستقلالية. وحذّر بيان صادر عن المنظمات الأممية من أن الخطة ستجبر المدنيين على دخول مناطق عسكرية لتلقي المساعدات، مما يعرضهم وعمال الإغاثة للخطر ويهدد بحرمان الفئات الأكثر ضعفًا.
كما شددت الأمم المتحدة على أن هذه الآلية تمثّل عقابًا جماعيًا وتُعدّ مخالفة صريحة للقانون الدولي، داعية إلى تسهيل دخول المساعدات فورًا دون شروط، وبعيدًا عن أي تدخل عسكري أو سياسي.
تحذيرات من التهجير القسري وتدهور الوضع الإنساني
وفي السياق ذاته، عبّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" عن قلقه العميق إزاء خطة إسرائيل، التي قال إنها "تتناقض تمامًا مع المبادئ الإنسانية"، داعيًا قادة العالم إلى استخدام نفوذهم لرفع الحصار المفروض على غزة. وأكد أن المحاولة الإسرائيلية لتحويل مسار المساعدات تُسهم في مزيد من النزوح القسري، وتحرم مناطق واسعة من الغذاء والخدمات الأساسية.
العفو الدولية المجاعة جريمة حرب مستمرة
من جهتها، طالبت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، المجتمع الدولي بوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، معتبرة أن تجويع المدنيين يُستخدم كسلاح حرب. وأكدت أن "لا طعام متبقي في غزة"، مشيرة إلى أن استمرار الحصار ومنع المساعدات يمثلان انتهاكًا صارخًا يستدعي محاسبة الاحتلال.
المرصد الأورومتوسطي الخطة إعادة إنتاج لجريمة التجويع
وفي تعليق صريح، قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الخطة الإسرائيلية ليست إنسانية، بل محاولة لإعادة إنتاج جريمة التجويع الجماعي بصيغة تبدو شرعية زائفًا. وأوضح أن الاحتلال يسعى من خلال هذه الخطة إلى فرض سيطرته الكاملة على العملية الإغاثية، بدءًا من نوع المساعدات وحتى المستفيدين منها، ما يؤكد نية الاحتلال في إدارة الأزمة بدلًا من حلّها.
خطة تحت المجهر الدولي
تُعد الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات عبر شركات أمنية خاصة انتهاكًا جديدًا يضاف إلى سلسلة الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتطرح تساؤلات جوهرية حول النوايا الحقيقية للاحتلال. وبينما يواجه القطاع مجاعة وشيكة، فإن المجتمع الدولي مطالب بتحمّل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، ووقف كل أشكال التلاعب بالمساعدات التي يجب أن تبقى عملًا إنسانيًا مستقلًا وخاليًا من أي أبعاد سياسية أو عسكرية.
غزة, المساعدات الإنسانية, الاحتلال الإسرائيلي, خطة إسرائيلية أمريكية, الشركات الأمنية الأمريكية, الحصار على غزة, المجاعة في غزة, القانون الدولي الإنساني, الأمم المتحدة, سيف ريتش سوليوشنز, يو جي سوليوشنز, حقوق الإنسان في فلسطين, العفو الدولية, المرصد الأورومتوسطي, إبادة جماعية, التهجير القسري, أزمة غزة, تجويع الفلسطينيين, الكارثة الإنسانية, جوجل ديسكفري