الأحد 1 يونيو 2025 10:25 صـ 5 ذو الحجة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

محلل: إسرائيل تلتف على ضغوط أوروبا وتستبدل ألمانيا بجنوب أفريقيا

الخميس 29 مايو 2025 11:58 مـ 2 ذو الحجة 1446 هـ

محلل: إسرائيل تلتف على ضغوط أوروبا وتستبدل ألمانيا بجنوب أفريقيا

قال المحلل السياسي المهتم بالشأن العربي محمد عمر: إنه في ظل التغيرات العالمية الحاصلة مؤخراً، واستمرار إسرائيل بحربها على قطاع غزة، صعّدت الدول الأوروبية من لهجتها تجاه إسرائيل، وكثفت الضغوط باتخاذ إجراءات عقابية ملموسة ضد تل أبيب، حيث علقت المملكة المتحدة محادثات اتفاقية تجارة حرة جديدة مع الكيان الإسرائيلي، وفرضت عقوبات على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية، كما استدعت السفير الإسرائيلي احتجاجاً على توسيع العمليات العسكرية في غزة ومنع المساعدات الإنسانية.
وأضاف أنه في خطوة أكثر جرأة، بدأ الاتحاد الأوروبي - أكبر شريك تجاري لإسرائيل - مراجعة اتفاقية الشراكة التاريخية مع تل أبيب التي تمتد لعقدين ونصف، والتي تشكل الإطار القانوني الرئيسي للعلاقات الثنائية بين الطرفين بما فيها تجارة الأسلحة مع إسرائيل، موضحا أن وزير الخارجية الإسباني كارلوس فيليبي ريكارد قال في اجتماع عقد في مدريد وشاركت فيه دول أوروبية وعربية إن المجتمع الدولي يجب أن يسعى إلى فرض عقوبات على إسرائيل لوقف حربها في غزة، وحث على وقف الهجوم الإسرائيلي العقابي الذي يتزايد فيه عدد القتلى الفلسطينيين وانتشار المجاعة كل يوم، واتهم إسرائيل بأنها "دولة إبادة".
وتابع المحلل، أن الأمم المتحدة حذرت من أن القطاع يواجه واحدة من أسوأ أزمات الجوع عالمياً، مع وفاة عشرات الأطفال بسبب سوء التغذية ومنع المساعدات، بينما تشهد العواصم الأوروبية مظاهرات حاشدة ضد الحرب، حيث شارك نصف مليون شخص في مسيرة واحدة في لندن. وأظهرت استطلاعات الرأي أن 54% من الشباب البريطاني (18-24 عاماً) يرون أن "إسرائيل لا ينبغي أن توجد".
وأشار إلى أن هذه الضغوط تمثل نقطة تحول في العلاقات الأوروبية - الإسرائيلية، حيث لم تعد أوروبا تقبل دور الداعم الصامت للسياسات الإسرائيلية. وأوضح أن استمرار الحرب قد يكلف إسرائيل خسائر اقتصادية فادحة تصل إلى 13.5% من ناتجها المحلي الإجمالي، مؤكدا أن هذه الإجراءات - وإن كانت متأخرة - تبقى غير كافية لوقف الحرب ما لم تترجم إلى حظر شامل على الأسلحة.
واستطرد عمر، أنه من جهة أخرى يتمسك الكيان الإسرائيلي بموقفه في قطاع غزة، وتتجاهل حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التهديدات الأوروبية، فيما اتهمت القارة الأوروبية بالتحريض على معاداة السامية. في حين يعمل الإسرائيليون على تنويع شراكاتهم الدولية خصوصاً في مجال التسليح، بسبب استمرار العمليات العسكرية في القطاع، والحاجة المتزايدة من الذخائر والأسلحة المتنوعة. حيث أفادت وكالات عن توقيع الحكومة الإسرائيلية عقداً مع شركة "راينميتال دينيل مونيتسيون" في دولة جنوب أفريقيا، لشراء ذخائر للمدفعية وألغام وقنابل وقذائف هاون بكميات تصل إلى 250 ألف وحدة سنوياً.
وقال المحلل السياسي، أن ألمانيا هي ثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، ولكن تل أبيب ذهبت إلى الى جنوب أفريقيا استعداداً لتخفيضات محتملة لواردات الأسلحة الألمانية في إطار الضغوط الأوروبية، حيث تعد شركة "راينميتال دينيل مونيتسيون" احدى الشركات الفرعية لشركة "راينميتال" الألمانية للصناعات الدفاعية، في جنوب أفريقيا، وهي شركة مشهورة عالمياً في تصنيع الذخائر والأسلحة ومتخصصة في ذخائر المدفعية، وقذائف الهاون، والذخائر ذات العيار المتوسط، فضلاً عن الصواعق وأنظمة الدفع الصاروخي.
ومن الجدير بالذكر أن صادرات إنتاج "راينميتال" من جنوب أفريقيا لا تخضع لرقابة السلطات الأوروبية. ففي ألمانيا، ينص قانون التجارة الخارجية والمدفوعات على أن جميع السلع المستخدمة في تطوير أو إنتاج الذخيرة تخضع لموافقة المكتب الاتحادي للشؤون الاقتصادية ومراقبة الصادرات، إلا أن هذا القانون لا ينطبق على كيانات الشركة الموجودة في الخارج، طالما أنها تمتلك الملكية الفكرية. وبعبارة أوضح، لا تخضع صادرات "راينميتال" من جنوب أفريقيا للقانون الألماني.
وأكد أن المفارقة الواضحة تظهر في أن جنوب أفريقيا تمثل واحدة من أبرز الدول التي اتخذت موقفاً صارماً ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي نفس الوقت تحاول الشركة العسكرية الموجودة فيها والخاضعة لقوانينها البدء بتوريد الذخائر لإسرائيل، فمنذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، قادت بريتوريا تحركات دولية وقانونية غير مسبوقة، أبرزها رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، مستندة إلى اتفاقية 1948 لمنع الإبادة الجماعية، فيما شهدت جنوب أفريقيا مظاهرات شعبية حاشدة تضامناً مع غزة، بلغت مشاركة 200 ألف شخص في بعضها، مع حملات مثل تعليق لافتات "غزة حرة" في الأحياء.
وأكد أنه وفقا لتقارير وتحقيقات إعلامية، فإن شركة "راينميتال دينيل مونيتسيون" صدّرت معدات إنتاج ذخيرة إلى دول كثيرة على مدار أعوام، وفي مطلع العام الماضي، تلقت الشركة طلبا كبيرا من الجزائر لتوريد مكونات للمركبة المدرعة "فوكس 2" بقيمة تصل إلى مئات الملايين من اليورو.
وأوضح أن قيام هذه الشركة في توريد الأسلحة إلى إسرائيل التي تقوم بالإبادة في غزة سيعني تخلي الدول العربية عن العقود المبرمة أو التي ستُبرم معها، خاصة وأن العلاقات العربية الإسرائيلية باتت بعضها تأخذ طابعا متوترا في الفترة الأخيرة مع تصاعد التوترات العسكرية، بسبب استمرار إسرائيل في حربها على غزة، ونية تل أبيب بمباركة من الولايات المتحدة تهجير الفلسطينيين، وهو أمر يتعارض مع المبادئ والثوابت القومية والوطنية والعربية بشكل أوسع.
وأنهى حديثه بأنه تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979، وهي أول اتفاقية سلام بين إسرائيل ودولة عربية، حيث شهدت العلاقة هدوء منذ الثمانينيات، رغم التطورات العرضية، لكنها لم تصل إلى هذا المستوى من التباعد والتوتر على الصعيدين السياسي والعسكري منذ سنوات.