الخميس 26 يونيو 2025 04:15 صـ 1 محرّم 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

بيان يدس السم في العسل: طموحات طارق صالح خارج الدستور

الخميس 26 يونيو 2025 01:59 صـ 1 محرّم 1447 هـ
فتحي أبو النصر
فتحي أبو النصر

صدر قبل ساعات عن الأمانة العامة للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، بقيادة العميد طارق محمد عبد الله صالح، بيانٌ يهاجم ضمنيا رئيس مجلس القيادة الرئاسي ويشكك في شرعية اجتماعاته مع القوى السياسية، بذريعة "الخروج عن الإطار الدستوري والقانوني".

البيان، رغم لغته الملساء، يحمل في طياته اتهامات سياسية مبطنة، ويكشف عن مشروع شخصي متنام يتجاوز حدود التنسيق العسكري أو الشراكة الوطنية.

وما يثير القلق في هذا البيان ليس فقط توقيته، بل أيضا لغته الحذرة التي تسعى إلى إظهار "الحرص" على المؤسسية بينما تضرب بها في العمق.

فطارق صالح، عبر أمانته العامة، يعترض على لقاءات تشاورية مع قوى مدنية، بحجة تغييب الحكومة، متناسيا أن تلك اللقاءات تشاورية غير ملزمة، وأن طبيعتها السياسية لا تتطلب مصادقة تنفيذية. والأدهى من ذلك، أن البيان لم يصدر احتجاجا على فساد أو فشل حكومي، بل لأنه لم يكن من المشهد.

عموما منذ أن شق طارق طريقه من الساحل الغربي يحاول باستمرار بناء مشروعية سياسية موازية، مستندا إلى إرث عائلي ونفوذ عسكري. ولا يخفي طموحه ليكون أكثر من مجرد عضو في مجلس القيادة، بل رئيسا فعليا، أو على الأقل مركز الثقل داخله.

ولهذا، فإن أي تحرك رئاسي خارج توافقه المباشر يُقابل بالرفض أو التهديد أو التحريض الناعم، كما في هذا البيان.

أي أن بيان الأمانة العامة لا يهاجم فخامة الرئيس رشاد العليمي فقط، بل يطعن في مسار العملية السياسية بأكملها. فحين يُطالب البيان بقصر النقاشات على "الإطار الدستوري والقانوني"، فإنه يغض النظر عن حقيقة أن الدستور نفسه معلق بفعل الحرب والانقلاب، وأن مجلس القيادة بُني على إعلان رئاسي يحظى بتوافق إقليمي وشرعية دولية، لا بمزاج مكاتب سياسية تتبع قادة عسكريين.

ثم إن الإصرار على مشاركة الحكومة في كل حوار سياسي يبدو أقرب إلى محاولة لفرملة النقاشات، لا لتقويتها.

فطارق يعلم أن تعقيد المسارات الرسمية هو أفضل وسيلة لتعطيل المبادرات التي لا تخدم مشروعه.

أما حديثه عن "التمييز في التعامل مع شركاء العمل الوطني"، فهو تناقض صارخ فالمكتب السياسي للمقاومة الوطنية لم يُبنَ يوما على تمثيل شعبي أو سياسي، بل هو امتداد عسكري لشخص واحد، لا لحزب أو تيار.

والبيان في حقيقته ليس اعتراضا على آليات العمل الوطني، بل على غياب طارق صالح عنه. وهو بذلك يعكس غاية استراتيجية لطالما عمل عليها: تقديم نفسه كمخلص بديل، كضابط قوي يحمل سيف الدولة وينقذها من الفوضى، متكئا على تحالفات إقليمية وعلاقات متشعبة مع قوى متعددة، بعضها لا يخفي تطلعه لوجود "رجل قوي" على رأس السلطة في اليمن.

لكن التاريخ علمنا أن الطموح الشخصي إذا لم يُضبط بإرادة وطنية جامعة، يتحول إلى مشروع تمزيق لا مشروع إنقاذ. وإذا استمر المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في تقويض شرعية القيادة الرئاسية، فهو بذلك لا يسيء إلى شخص الرئيس فقط، بل إلى فكرة الدولة ذاتها.

..في هذا المنعطف الحاسم،طبعا ، لم يعد الخطر من المليشيات وحدها، بل من الكيانات التي ترتدي لبوس الدولة لتنتزع صلاحياتها.

وطموح طارق في أن يكون الرئيس، ليس إلا نسخة مكررة من عهد مضى، دفع اليمنيون ثمنه غاليا.

لكن المفارقة الأكثر مرارة أن العميد طارق، الذي ينظر علينا بأهمية "الإطار الدستوري والقانوني"، يقود تشكيلات مسلحة لا تخضع لوزارة الدفاع، ولا تمر عبر هيئة الأركان، ولا تُعرف لها عقيدة وطنية موحدة. جيش داخل جيش، ولكنه يرفع شعار الدولة!

هههه كيف تطالب بحوكمة الاجتماعات بينما قواتك خارجة عن مظلة الدولة التي تزعم الدفاع عنها؟..

.. أليس الأجدر بك أن تبدأ أولا من نفسك؟ أن تعيد البوصلة إلى المؤسسة العسكرية لا إلى مؤسسة البيان؟

فالهيكل المؤسسي لا يُبنى بالتصريحات، بل بالولاء الوطني، وبأن تكون البنادق تحت علم واحد، لا صورة عم راحل.

وما يحزن حقا أن من يزعم حماية الجمهورية يخلق جمهورية صغيرة لا ليس إلا

أعني كيف تطالب بحوكمة الاجتماعات، وأنت لم تحكم سلاحك بعد؟

تصرخ باسم الدولة، بينما تمر عرباتك خارج مؤسساتها، لا بريه جمهوري يظللك، ولا دستور يردعك.

فهل يُعقل أن يطالب الخارج عن القانون بتنظيمه؟

فيا سيدي، لا تُطالب بدولة القانون من على منصة مليئة بالانقلابات.

ولا تُنادي باالحوكمة

اللامحوكمة

لكن بصراحة، إذا أمرك القائد الأعلى للقوات المسلحة بالانضواء تحت وزارة الدفاع، فهل ستجادل؟ هل ستفاوض على البندقية؟

أم ستكتشف فجأة أن الدولة تستحق الولاء؟

طبعا لا نظن أنك ستمانع… إلا إذا كنت لا تعترف بأعلى قيادة في البلاد.

وبالتأكيد نحترمك، والله يعلم أننا تعبنا من التشظي.

لكن لا يصح أن تحترم "حقك" في عدم احترام وحدة السلاح ووحدة القرار.

ذلك إن الجيش ليس ناديا للفصائل، ولا شركة مساهمة لتقاسم النفوذ.

..الجيش إما وطني موحد، أو مرتزق موزع.

فلا نطلب منك أن تتنازل، بل أن تتعافى.

فالدولة التي تدافع عنها، لا يمكن أن تبقى رهينة لبندقيتين تتناوشان على توقيع واحد.!