كارثة صحية تضرب زيمبابوي.. عودة الملاريا تفتك بالمئات بعد انسحاب التمويل الأمريكي

شهدت زيمبابوي تصاعدًا حادًا في حالات الملاريا خلال العام الجاري، بعد أن توقفت المساعدات الأمريكية لبرامج مكافحة المرض، مما أدى إلى تسجيل 115 تفشيًا للملاريا مقارنة بتفشٍ واحد فقط في العام الماضي.
ويأتي هذا التدهور الصحي بعد قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بقطع التمويل عن مشاريع طبية حيوية تتعلق بالملاريا والسل والإيدز، وهو ما تسبب في تعطيل برامج أساسية في الدولة الإفريقية.
قفزة في الإصابات والوفيات
أعلنت وزارة الصحة في زيمبابوي أن حالات الإصابة بالملاريا قد ارتفعت بنسبة 180% خلال الشهور الأربعة الأولى من عام 2025، بينما صعدت الوفيات بنسبة 218% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
وسجّلت الدولة حتى نهاية يونيو أكثر من 119,600 إصابة، وبلغت الوفيات 334 حالة، فيما تشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع هذه الأرقام في ظل غياب التمويل والدعم الفني.
نقص حاد في أدوات الوقاية
توقف التمويل الأمريكي أدى إلى تعطيل توزيع الناموسيات المعالجة بالمبيدات، والتي تعتبر وسيلة رئيسية للوقاية من الملاريا، مما عرض مئات الآلاف من المواطنين للخطر، لا سيما الأطفال والنساء الحوامل.
وبالرغم من جهود وزارة الصحة لتوزيع نحو 1.6 مليون ناموسية، إلا أنها أعلنت عن عجز يصل إلى 600,000 ناموسية بسبب نقص الدعم المالي الخارجي.
تحذيرات من انهيار جهود العقدين الماضيين
حذّر "إيتاى روسيكي"، رئيس مجموعة العمل المجتمعي للصحة، من أن هذا العجز المالي يهدد بتقويض كل ما تم إنجازه في مكافحة الملاريا خلال العشرين عامًا الماضية.
وأوضح أن غياب التمويل لا يعطل فقط شراء الناموسيات، بل يشمل أيضًا نقص الأدوية الوقائية، وفشل في توفير أدوات الفحص والعلاج، مؤكدًا أن النساء الحوامل والأطفال تحت سن الخامسة هم الأكثر عرضة للخطر، إذ يمثلون ما يقرب من 14% من إجمالي الإصابات.
دعوات لحلول محلية وإنهاء الاعتماد الخارجي
دعا وزير الصحة السابق "هنري مادزوريرا" إلى تفعيل التمويل المحلي، واستخدام الضرائب المخصصة لقطاع الصحة من أجل سد فجوة التمويل، مشددًا على أن الاعتماد على المانحين لم يعد خيارًا مستدامًا.
كما أشار نائب وزير الصحة "سليمان كويديني" إلى أن الحكومة بدأت تتحمل مسؤولية شراء الناموسيات والمستلزمات الوقائية، مع تجديد التزامها بهدف القضاء على الملاريا بحلول عام 2030، وفق خطة الاتحاد الإفريقي.
برنامج “زنتو”.. قصة نجاح توقفت فجأة
كان برنامج "زنتو" لمراقبة الحشرات، الذي أطلق في محافظة مانيكالاند، قد ساهم في خفض إصابات الملاريا من 145,775 إصابة في 2020 إلى 8,035 فقط في 2024، ولكن بعد وقف التمويل، عادت الإصابات في 2025 إلى 27,212.
وأوضح مدير معهد الملاريا بجامعة إفريقيا، البروفيسور "سونجانو مهاراكوروا"، أن البرنامج كان يُخطط لتوسيعه على نطاق وطني قبل أن يُلغى فجأة، مؤكدًا أن عودة المرض بهذه القوة تهدد مستقبل الخطة الوطنية للقضاء عليه.
الأمطار تزيد الطين بلة
أكد مهاراكوروا أن الأمطار الغزيرة التي هطلت هذا العام فاقمت من انتشار المرض، حيث توافرت بيئة مثالية لتكاثر البعوض.
واختتم حديثه بتأكيده على ضرورة عودة التمويل العاجل أو توفير بدائل محلية فعالة، حتى لا تتحول أزمة الملاريا في زيمبابوي إلى كارثة صحية كبرى تهدد حياة آلاف المواطنين.
هذه التطورات ترسم مشهدًا مقلقًا في زيمبابوي، وتسلط الضوء على هشاشة الأنظمة الصحية في بعض الدول الإفريقية عند فقدان الدعم الدولي، مما يضع مستقبل الأمن الصحي في القارة على المحك.