الثلاثاء 22 يوليو 2025 01:25 صـ 27 محرّم 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

مصير شاب يُقرّره العفو أو القصاص.. مناشدة مؤثرة من ”عبدالله المنصوري” قبل ساعات من تنفيذ حكم الإعدام

الثلاثاء 22 يوليو 2025 12:00 صـ 27 محرّم 1447 هـ
الشاب المنصوري
الشاب المنصوري

في مشهدٍ درامي تختلط فيه الدموع بالرجاء، وتصدح فيه الأصوات بلغة الإنسانية قبل القانون، انتشر تسجيل صوتي مؤثر لشاب يمني في مقتبل العمر، يناشد فيه أولياء دم قتيلٍ عفوهم قبل ساعات من تنفيذ حكم الإعدام بحقه. إنّه عبدالله سالم عبدالله المنصوري ، الشاب اليمني في العشرينات من عمره، الذي أصبح مصيره بين يدي قرار إنساني قد يغيّر كل شيء.

التسجيل الصوتي، الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي وأثار زخماً كبيراً من التفاعل والأسى، يحمل نبرة خافتة لكنها مليئة بالحزن والأمل. يتحدث فيها المنصوري بصوت متقطع، كأنه يودع الحياة، موجهاً نداءً أخيراً إلى أولياء دم المرحوم محمد فاتح الجعيملاني ، طالباً منهم "العفو والصفح"، ليس بدافع الخوف فقط، بل بدافع الرجاء في رحمة الله، وفي فرصة ثانية للحياة.

"أتوسل إليكم بقلبٍ خاشع، وبوجهٍ ذليل أمام الله، أن تعفوا عني"، يقول المنصوري، مذكراً بأن "العفو لا ينقص من عزّ أحد، بل يرفعه عند الله والناس".

القضية، التي استكملت جميع مراحل التقاضي واستندت إلى حكم قضائي نهائي صادر عن المحاكم المختصة، لا تترك مجالاً للجدل القانوني. فالقضاء أصدر حكمه، واستوفيت جميع الإجراءات، ومن حق أولياء الدم أن يختاروا القصاص، كما يكفل لهم الشرع والقانون ذلك. لكن ما لا يستطيع القانون ضبطه هو المشاعر، وما لا يمكن قياسه بالمواد هو الألم البشري من الجانبين.

وفي منزل بسيط في إحدى قرى اليمن، تجلس أم المنصوري صامتة، عيناها تائهة في الفراغ، تمسك بحجابها كأنها تتشبث بأمل لا يُرى. تقول: "ابني لم يكن يوماً شريراً، كان خطأً، ولكن الموت لا يعيد حياة، ولا يخفف وجعنا". أما الأب، فيتنقل بين النظر إلى الساعة وإلى صور ابنه، وكأنه يحسب الثواني الأخيرة التي قد تفصل بين الحياة والموت.

شقيقاته الخمس، اللواتي نشأن معه في بيت واحد، يبتن على أمل أن يفتح الغد باباً للرحمة، وأن تأتي بشائر العفو قبل أن يُعلن فجر الثلاثاء الموافق 22 يوليو تنفيذ الحكم. كل واحدة منهن تحلم بلقاء آخر، بكلمة أخيرة، بلمسة وداع لا تكون نهائية.

المناشدة، التي تتجاوز كونها مجرد طلب تخفيف عقوبة، تتحول إلى رسالة إنسانية عميقة:

"إن عفوتُم، فستكونون أعظم الناس، وإن اخترتم القصاص، فنحن نحترم قراركم، لأن من فقد عزيزاً لا يمكن أن يُسأل عن وجعه".

ويُنظر إلى قرار أولياء الدم باعتباره محطة اختبار للرحمة في زمنٍ تغلب فيه القسوة. فالعفو، في هذا السياق، ليس ضعفاً، بل قوة. إنه "عفو الأقوياء"، كما وصفه البعض، و"رحمة في موضع المقدرة"، وفرصة لإطفاء نار ثأر قد تمتد لأجيال.

أما القانون، فقد أخذ مجراه. والحكم جاهز للتنفيذ غداً الثلاثاء. لكن ما لم يُكتب بعد هو القرار الأخلاقي والإنساني الذي سيتخذه أولياء الدم. هل سيختارون إحياء روح بدلاً من إنهائها؟ أم سيطالبون بالقصاص، متمسكين بحقهم المشروع؟

البلاد تنتظر، والقلوب تدق، والمصير يتأرجح بين دمعة أم وذكرى قتيل.
فجراً، سيُعرف الجواب.
وحتى ذلك الحين، يبقى عبدالله المنصوري أسير الأمل، رهينة كلمة واحدة... كلمة "عفو".